أعلنت ألمانيا في 13 أكتوبر 1937 احترام استقلال بلجيكا، وبإمدادها بالمساعدة إذا تعرضت للاعتداء من قبل قوى أخرى. وهو ما لاقى تباين في وجهات النظر لدى الرأي العام البلجيكي، حيث نظرت الدوائر السياسة الرسمية في بلجيكا إليه نظرة ترحيب، في حين نظر إليه الشعب البلجيكي نظرة عدم ثقة واطمئنان، فلم يكن ينس البلجيكيون ما حدث بالأمس القريب، فقد كانت الصورة المفجعة لا تزال في أذهان معاصري الحرب العالمية الأولى عندما غزت ألمانيا الأراضي البلجيكية بهدف غزو إلى الأراضي الفرنسية.
وتعود أهمية البحث إلى دراسة صفحة من صفحات تاريخ الشعوب إزاء السياسات المتضاربة للقوى الكبرى ومناداتها بالسلام واحترام استقلال الدول الضعيفة في ظل ماضيها الملطخ بدماء أبنائها، لرصد أهمية دور ذاكرة الشعوب في إفادة الحاضر ورؤية المستقبل. أما عن سبب اختيار عام 1937 فهو العام الذي صدر فيه التصريح الألماني باحترام استقلال بلجيكا.
ويهدف البحث إلى رصد موقف الرأي العام البلجيكي من التصريح الألماني باحترام استقلال بلجيكا في عام 1937 في ظل الموقف الدولي - قبيل الحرب العالمية الثانية - الملبد بغيوم حرب قادمة على أعتاب أوروبا والعالم، ومحاولة ألمانيا بث روح الطمأنينة لدى الشعب البلجيكي، بالإضافة إلى محاولة الكشف عن أهمية ذاكرة الشعوب في إدراك المخاطر التي تحيط بها مهما تعالت أصوات القوى الكبرى بالسلام.
ومن هذا المنطلق فإن مشكلة البحث تدور حول عدة تساؤلات، تتمثل فيما تضمنه التصريح الألماني في أكتوبر 1937 بشأن بلجيكا؟ وما الدوافع الألمانية لإصداره؟ وما موقف الدوائر السياسية البلجيكية منه؟ وما موقف الرأي العام البلجيكي منه؟ وما أثره في أوروبا؟.