يأتي هذا البحث في ضوء التزايد المُطرد في الكتابات النسوية العبرية منذ الربع الأخير من القرن العشرين متأثرًا بتطور الحركة النسوية العالمية، حيث يعرض هذا البحث صور العنف ضد المرأة في المجتمع الحريدي. فتعالت الأصوات المعبرة عن معاناة المرأة الحريدية، وأصبحت صوتًا ظاهرًا يستحق الدراسة. وتكمن أهمية البحث في الكشف عن الدور الذي يلعبه المسرح النسوي العبري في التعبير عن قضايا المرأة في المجتمع الحريدي ، متمثلًا في دراسة ما تتعرض له المرأة من صور شتى للعنف والقمع والكبت الأسري والمجتمعي والثقافي. ويرتكز البحث على تتبع ظاهرة العنف في المجتمع الحريدي، ومن خلال النظر إلى المسرحيات محل الدراسة والتي تعتبر مرآة عاكسة لما يدور في المجتمع الحريدي؛ نجدها تعبر عن شيوع ثقافة العنف في هذا المجتمع، بل تؤكد أن ثقافة العنف في هذا المجتمع تمثل مجموعة من أشكال السيطرة الاجتماعية المرئية وغير المرئية يتم الإفصاح عن آثارها في نمط من المعتقدات والمواقف والتصرفات الثقافية. وبالتالي فإن تقبل العنف تلقائيًا من جانب المجتمع الأكبر يُضفي الشرعية على استخدام العنف في الحياة الأسرية ويدعم اللجوء إليه، فنجد أن اللجوء إلى العنف وسيلة مشروعة في المجتمع الحريدي لحل المشكلات الاجتماعية أو معالجتها. وسوف يساهم البحث من خلال دراسة الأنساق الثقافية الظاهرة والمضمرة للمسرحيات في الإجابة عن التساؤل المهم الذي يسعى البحث للإجابة عليه، ألا وهو: هل تُعبر المسرحيات عن استسلام للقيم الموجودة في المجتمع الحريدي أم أن الأديبات حاولن إصلاح هذه المعتقدات مما يعقبه إصلاح لوضع المرأة المتدني بهذا المجتمع؟
ويستند البحث على خمس مسرحيات كُتبت على أيدي أديبات، بعضهن ينتمين إلى المجتمع الحريدي نفسه، وبعض المسرحيات مقتبسة عن قصص حقيقية.