وقع الاختيار على مَلْحَمَةَ العِشْقِ فِي الرواية الشِّعْرِيَّة (صَيَّادِ الغِزْلانِ) لِعَلِيِّ مُحَمَّد عَبْدالمُنْعِم لأنها تَجْرِبة ثَرِيَّة تَسْتَحِقُّ التَّحْلِيل.
وغير خاف أن الحُبَّ من أبرز موضوعات الشعر العربي، من امرئ القيس إلى نِزَار قَبَّانِي، و حديثَ الحُبِّ يستثيرُ كَوَامِنَ النفس، ويُطلق العِنان للخيال، بوصفه عاطفة إنسانية قَوِيَّة، تسري في نَفْس المُحِبّ، وتتملكه؛ فينظر إلى الأشياء على وَفَق عاطفته؛ فيراها عذبةً مُنِيرَة.
وعند قراءة (صيّاد الغزلان) نجد منحنياتٍ جديدة على صعيد الفكرة والأسلوب بمعناه العامّ؛ فالكاتب وإن لم يختلف عَمَّنْ سَلَفَهُ في الاهتمام بِكِيَانِ المرأة , وما تُثِيرُهُ من ظِلال؛ فهو يغايرهم في أنه لم يجعل منها موضوعًا للغزل المُجَرَّد كالقصيدة الكلاسيكيَّة , ولا رمزًا يطرح من خلاله تأملاته وهواجسه النفسيَّة , وإنما جعل كتابه كِتَابًا يعالجُ موضوعًا اجتماعيًّا أكثر مِمَّا يُعَالِجُ موضوعًا شخصيًّا؛ إذ يتعرض لحياة صائد غِزْلان , ولكنه في الوقت نفسه يعالج موضوعه بأسلوب غير مباشر, اجتمعت فيه أساليب ونزعات كنَّا نَظُنَّهَا مُتَنَافِرَة , كالحِسِّيَّة المُسْرِفة , والصوفية المتقنعة بالحُجُب , والجُمُوح العقائدي والوصايا الدينيَّة التعليميَّة .
وقد انقسم البحث إلى ثلاثة محاور: أولها: ضخامة الملحمة، وثانيها: البطولة في الملحمة، وثالثها: الخرافة في الملحمة . وقد تناولتُ كُلَّ مِحْوَرٍ مِنْهُم بِالتَّمْثِيل.
اتَّبَعْتُ المنهجَ الوصفيَّ ؛ لكشف ملامح ملحمة العشق في (صَيَّاد الغزلان)، واتَّضَحَ أَنَّ ما كتبه عليّ مُحَمَّد عبدالمُنْعِم في الحب في هذه الرواية الشعرية يعَدُّ تَجْرِبَة طريفة حاول فيها الكاتب أنْ يُغَايِرَ طريقة الشعراء الكلاسيكيينَ , والمُحْدَثين , في معالجتهم لأمور العشق؛ فَرَصَدَهُ بطريقة مُغَايِرَة , وهي الرجوع إلى النَّفَس الملحميّ .
وجاءت اللغة بليغة حين يتطلب الموقف ذلك , قريبة من العوام في مواضع أخرى.