تهدف هذه الدراسة إلى محاولة التعرف على الأسس الفلسفية للفوضوية السياسية عند "وليام جودوين"، ويرى الباحث أن "جودوين" قد اعتمد على أسس فلسفية خالصة عند تناوله الفوضوية السياسية؛ إذ أسس فوضويته على أسس عقلانية وأخلاقية مهمة، وتجلت الأسس العقلية في اهتمامه بالإنسان إلى أبعد الحدود وتأكيده على تمتعه بسلطة العقل التي تعلو سلطة الدولة، الأمر الذي جعل "جودوين" يميل إلى الإعلاء من قيمة الإنسان من ناحية، وإلغائه لسلطة الدولة من ناحية أخرى. أما الأسس الأخلاقية فتكمن في اهتمامه بتحقيق كل من: المساواة والعدل والحرية لجميع البشر.
وتنطلق هذه الدراسة من مجموعة من التساؤلات المهمة، ولعل من أبرزها: ما الفوضوية السياسية؟ ما موقف "جودوين" من الدولة وأنظمة الحكم المختلفة؟ وما التصور الذي قدمه " جودوين" للمجتمع الفوضوي الذي يريد أن يؤسس له؟ وما تصور "جودوين" للمجتمع الفوضوي؟ وما الأسس التي يعتمد عليها " جودوين" عند حديثه عن الفوضوية السياسية؟ وللإجابة عن هذه التساؤلات تحتم على الباحث كشف النقاب عن: معنى الفوضوية السياسية، وموقف "جودوين" من الدولة وأنظمة الحكم، وتصوره للمجتمع الفوضوي الذي اهتم "جودوين" بالتنظير له. كما تحتم عليه استخدام عدة مناهج بحثية مختلفة في معالجة موضوع هذه الدراسة، كان من أهمها: المنهج التحليلي؛ بهدف تحليل نصوص "جودوين" والوقوف على فحواها، وما الذي يريد أن ينقله لنا بين سطورها، إلى جانب المنهج المقارن؛ وذلك لمقارنة آراء "جودوين" بآراء أسلافه ولاحقيه وذلك لبيان مدى تميزه والوقوف على أصالة أفكاره في الفوضوية السياسية. وبالإضافة إلى ذلك فقد استخدم الباحث المنهج النقدي لبيان أوجه القوة والضعف في تناوله لموضوع الفوضوية السياسية.