الفكر البلاغي العربي حافل بألوان من التخفي والحيل التعبيرية؛ فالصورة الشعرية نفسها تقوم على التخييل والإيهام الذي يصنع التشويق والمتعة، وأساليب المفارقة والمغالطة والإنزياح والتلاعب بالعلامات، هذه الألوان من الحيل البلاغية التي كانت أداة من أدوات مسرح العبث الذي يعالج قضايا المجتمع من خلال عرضها بطريقة لا منطقية للإثارة والتأثير في المتلقي.
ومن ثم تقدم الدراسة هيكلة لدراسة الحيل في مسرح العبث بنموذج لصلاح عبد الصبور في مسرحية مسافر ليل، وقد قسمت الحيل الشعرية التي لجأ إليها الكاتب إلى نوعين: حيل إطارية وأخرى أسلوبية؛ و تعتمد الحيل الإطارية (الخارجية) على التلاعب والمراوغة والتخفي في اختيارات الكاتب للعنوان والشخصيات ودلالة أسمائها وكذلك الزمان والمكان.
كما تعتمد الحيل الأسلوبية (الداخلية) على بيان بلاغة البناء النصي للمسرحية والحيل الأسلوبية للكاتب في نقد واقعه الاجتماعي من خلال عدة أدوات هي: دراسة الصورة الشعرية في النص من خلال آليات التشبيه والاستعارة والكناية والرمز، ثم عرضت لتوظيف الكاتب لسخرية المفارقة والكوميديا السوداء التي تنوعت في النص من خلال عدة أشكال هي المفارقة اللفظية والمفارقة الدرامية ومفارقة التناص، وقدمت الدراسة لقيمة التنوع الأسلوبي وسيمياء علامات الترقيم معا بدراسة علامات الاستفهام والحذف والتوتر وعلامة التأثر ودلالة كل منها، وكان لآلية المغالطة الحجاجية دور بارز في الكشف عن تنامي الأحداث وعبثية الحجج المقدمة.