لقد مرت مصر بالعديد من التشريعات الإعلامية المنظمة للعمل الصحفي لتنظيم الوضع خاصة بعد الأهمية التى أولتها مواد الدستور المصرى للعمل الصحفى والاعلامى والعاملين به، وفي ضوء ذلك صادق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي علي قانون تنظيم الصحافة والإعلام الذي أقره مجلس النواب في يونيو – حريزان 2018 بتأييد ثلثي أعضاء البرلمان البالغ عددهم 596 عضوًا، ونشرت المصادقة علي القانون رقم 180 لسنة 2018م في الجريدة الرسمية علي أن تسري أحكامه علي جميع الكيانات والمؤسسات والوسائل الصحفية والإعلامية والمواقع الإلكترونية، ومن هنا تسعي الدراسة إلي تحليل ومناقشة وتقويم مواد قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلي لتنظيم الإعلام رقم 180 لسنة 2018 من وجهة نظر الصحفيين والإعلاميين من واقع التطبيق العملي للقانون، ومن وجهة نظر الأكاديميين في ضوء الواقع النظري لمواد القانون (المنشور في الجريدة الرسمية، السنة 91، العدد 34 مكرر (هــــ)، في 27 أغسطس 2018) باستخدام أداة تحليل النصوص القانونية، أداة المقابلة المتعمقة، والإعتماد علي المنهج المسحي.
وتوصلت نتائج الدراسة إلي إن هذا القانون رغم مناقشته في مجلس النواب إلا أن به مواد تضيق من حرية الصحافة والإعلام كما أن به عقوبات شديدة ومبالغ فيها في حالة مخالفة مواده وعدم الإلتزام بها وكذلك عدم الإلتزام بما جاء به فقد تصل إلي الحبس والغلق للمؤسسة الصحفية بالإضافة الي الغرامات الكبيرة التي نص عليها في مواده، كما توسع القانون في الشروط اللازمة لإصدار الصحف والتي تعيق تنوع وتعدد الحريات الصحفية في مصر، ويسند القانون عدة إختصاصات إلي المجلس الأعلي للإعلام دون تعريفات واضحة أو ضوابط عند التطبيق مما يتيح للأعلي للإعلام التعسف في إستخدام سلطته ، وتمثل بعض هذه المواد حجر عثرة أمام حرية الإعلام في مصر فهي تكرس سيطرة المجلس الكاملة علي المؤسسات الصحفية والإعلامية حيث تخطي المجلس الأعلي للإعلام حدود إختصاصاته القانونية وغلب علي دوره ممارسة الرقابة والتقييد بدلًا من تنظيم شئون الصحافة والإعلام، كما تعدي بصلاحياته صلاحيات جهات أخري مثل نقابة الصحفيين والإعلاميين والمصنفات الفنية مما يجعل المجلس الرقيب الأعلي علي الصحافة والإعلام في مصر.