لقد أدى التوسع الكبير في استخدام الإنترنت وتطبيقاته المختلفة إلى ظهور تهديدات أمنية مثيرة للقلق خلفت آثاراً سياسية واقتصادية واجتماعية بالغة الخطورة. وبصفة عامة، انتشرت الهجمات والجرائم السيبرانية بشكل يسترعي الانتباه، لاسيما في دول القارة الأفريقية، التي تعاني من ضعف البنية التحتية التكنولوجية واختراق الأمن السيبراني على نحو متكرر وفي الكثير من الأجهزة والمصالح الكبرى سواء حكومية أو غير حكومية. ولقد اتسع نطاق الجرائم السيبرانية لتشمل سرقة الهوية والمواد الإباحية والقرصنة ورسائل البريد الإلكتروني الاحتيالية والتصيد الاحتيالي، وغير ذلك من جرائم باتت تنتشر وتكبد حكومات الدول الأفريقية خسائر ذات بال، وذلك من خلال وجود خروقات متكررة للبيانات الإلكترونية للوكالات الحكومية، والتي غالبًا ما تنفذها الجماعات الإرهابية بهدف زعزعة استقرار الأنظمة السياسية. وقد سلطت العديد من الحوادث في العقد الماضي الضوء على مهددات وتحديات الأمن السيبراني التي تواجه الدول الأفريقية، فمازالت أنظمة الأمن السيبراني في العديد من الدول الأفريقية غير كافية، حيث كشف تقرير الأمن السيبراني لعام 2023 أن تدابير الأمن السيبراني في أفريقيا في كل من القطاعين العام والخاص أقل من المتوسط، مما يجعل أفريقيا واحدة من أكثر المناطق التي تواجه تهديدات لأمنها السيبراني في جميع أنحاء العالم. وفي هذا الإطار، تعد نيجيريا حالة جديرة بالدراسة، حيث ارتفعت الجرائم السيبرانية على مدى العقد الماضي بشكل غير مسبوق. ومن هذا المنطلق، تهدف هذه الورقة إلى دراسة وتحليل التداعيات السياسية والاقتصادية لمهددات الأمن السيبراني في نيجيريا. ولقد خلصت الدراسة إلى أن الجرائم والهجمات السيبرانية أثرت بشكل كبير على الاقتصاد النيجيري على المستويين الكلي والجزئي كما أثرت على مناخ الاستثمار وبيئة الأعمال النيجيرية بشكل عام، فضلاً عن تداعيات تلك الهجمات على فاعلية مؤسسات الدولة وأجهزة الأمن في نيجيريا، إلى الحد الذي انعكس على سمعة ومصداقية الدولة على نطاق واسع.