يتناول هذا البحث دور الدبلوماسية الأسترالية في تأسيس ماليزيا منذ بداية ظهور مقترح تأسيسها في يونيو عام 1960م، وحتى إعلانه في السادس عشر من سبتمبر عام 1963م، محاولًا دراسة أبعاد هذا الدور وطبيعته عبر رصد الظروف التاريخية التي صيغت أهداف السياسة الأسترالية في ضوئها، وتحليل الأساليب المختلفة التي اعتمدت عليها الدبلوماسية الأسترالية لتحقيق أهدافها، وتفسير نتائجها ومدى تحقيقها لهذه الأهداف، علاوة على الآثار المترتبة عليها بالنسبة للمصالح الأسترالية؛ إذ اعتبرت أستراليا أن تأسيس ماليزيا مرتبط بشكل وثيق بأمن منطقة جنوب شرق آسيا، وبالأمن الأسترالي بالتبعية؛ نظرًا لما مثلته تلك المنطقة من أهمية إستراتيجية بالنسبة لأستراليا ومصالحها المختلفة وعلى رأسها المصالح العسكرية؛ حيث ضمت الأراضي السنغافورية – وكانت جزءًا من ماليزيا – أهم القواعد العسكرية الإستراتيجية التي عدتها أستراليا بمثابة وسيلة رئيسة للدفاع عن المنطقة، ولكن نظرًا لحالة عدم الاستقرار الأمني التي عانت منها سنغافورة آنذاك نتيجة المد الشيوعي فيها، فإن ماليزيا مثلت من وجهة النظر الأسترالية الضمانة النهائية للحفاظ على سنغافورة من سيطرة الشيوعية عليها، وعلى قواعدها العسكرية وامتيازات استخدامها، وبناء عليه قامت الدبلوماسية الأسترالية بدور رئيس في دعم مقترح تأسيس ماليزيا، علاوة على دورها في احتواء المعوقات الإقليمية التي هددت بإفشال المخطط البريطاني لتأسيس ماليزيا، وعلى رأسها الرفض الإندونيسي- الفلبيني المشترك له والذي تحول سريعًا إلى صدام ثم عداء تصاعدت وتيرته مع إعلان تأسيس ماليزيا في السادس عشر من سبتمبر عام 1963م، مما ما دفع أستراليا في نهاية الأمر إلى إعلان دعمها العسكري لماليزيا في مواجهة هذا العداء.