إزاء تسارع التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم كل دقيقة، فإنه رغم جوانبه الإيجابية يصاحبه جوانب أخرى سلبية، ومن تلك ما يصيب الإنسان في شعوره وعاطفته(الضرر المعنوي) مما يكون له الأثر السيء البالغ على حياة الإنسان، لا سيما الطفل الذي أضحى يتعامل مع التكنولوجيا الحديثة في مجالات شتى، لذا كان لزاماً علينا تدقيق البحث حول وضع الآليات اللازمة لتيسير حصوله على التعويض عن تلك الأضرار.
إذ قمنا بدراسة تحليلية مقارنة للتشريعات المصرية والأمريكية الفيدرالية التي تتناول بالتنظيم ذلك الموضوع، ورأينا تقسيم البحث لمبحثين، الأول: يتناول إشكاليات انعقاد المسئولية المدنية لمسئولي المواقع الإلكترونية عن الأضرار المعنوية للطفل، بدايةً من تحديد مفهوم مدير الموقع الإلكتروني، انتهاءً بتحديد طبيعة مسئوليته المدنية، والالتزامات المفروضة عليه من قبل القانون الفيدرالي الأمريكي لحماية خصوصية الطفل على الإنترنت Children Online Privacy Protection Act 1998 ((COPPA ومشروع القانون الفيدرالي الأمريكي Kids Online Safety Act 2022 (KOSA)، مع مقارنة تلك الحماية بالتشريعات المصرية كقانون حماية البيانات المصري رقم 151 لسنة 2020، وقانون جرائم تقنية المعلومات رقم 157 لسنة 2018، وقانون الصحافة والإعلام المصري رقم 180 لسنة 2018.
أما المبحث الثاني: فيتناول التعويض عن الضرر المعنوي للطفل مستخدم الإنترنت، حيث يشتمل على بيان مفهوم الضرر المعنوي، ووصف تطبيقاته وصوره المختلفة سواء في مجال ألعاب الإنترنت (Internet of Toys) وألعاب الواقع الافتراضي VR games(Virtual Reality Games)، وتناولنا في ذلك الشأن القوانين الأمريكية التي رصدت خصيصاً لمواجهة مثل تلك الأخطار. ومن صور الضرر أيضاً تعرض الطفل لمحتوى غير مشروع، سواء لأنه مخل بالحياء (إباحي) أو لأنه يؤثر في نفسية الطفل، كالتنمر الإلكتروني بالأطفال Cyberbullying وكيفية مواجهة ذلك الأمر من الناحية التشريعية المصرية والأمريكية، وتوصلنا في نهاية الأمر إلى جملة نتائج وتوصيات، لعل أهمها ضرورة الاهتمام بوضع تنظيم تشريعي في القانون المصري ينظم جوانب تعامل الطفل مع شبكة الإنترنت، ويتناول آليات لحمايته من كل الجوانب.