يشهد العالم تحضّرًا متسارعًا، حيث يتوقع أن يعيش 70% من سكان العالم في المدن بحلول عام 2050.  يفرض هذا النمو السكاني ضغوطًا هائلة على البنية التحتية والخدمات، مما يؤثر بشكل مباشر على جودة حياة سكان المدن، مما يتطلب التركيز على تعزيز الصحة العقلية، والوقاية من الاضطرابات العقلية، ودعم أولئك الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية. هذا يوافق الهدف ال 11 من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة " تحتاج المدن إلى التركيز على تعزيز الصحة العقلية الجيدة، والوقاية من الاضطرابات العقلية، ودعم أولئك الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية للعيش بصحة وسعادة وحياة منتجه". إنّ التكثيف الحضري، باعتباره أحد أبرز سمات المدن الحديثة، ينطوي على تحديات كبيرة لصحة عقول سكانها.  فالضوضاء والتلوث والازدحام وغياب المساحات الخضراء والتفاعل الاجتماعي المحدود، كلها عوامل تساهم في زيادة التوتر والقلق والاكتئاب بين سكان المدن.  وتبحث هذه الدراسة في العلاقة التفاعلية بين التكثيف الحضري والصحة العقلية، مع ضرورة دمج مؤشرات محددة في سياسات التخطيط الحضري لفهم العلاقة بين البيئة الحضرية والصحة العقلية. تتعامل الدراسة مع تحليل المؤشرات المختلفة المرتبطة بالتكثيف الحضري والصحة العقلية في البيئة الحضرية لخلق مدن صحية ومستدامة. يتم تناول الموضوعات الرئيسية التالية في الدراسة: (1) التكثيف الحضري والتحضر (المفاهيم والآراء)، (2) الصحة العقلية (المفاهيم والأدوات القياسية وأساليب التقييم)، (3) النتائج المستخلصة من التجارب الدولية التي تدرس العلاقة بين التكثيف الحضري والصحة العقلية، (4) مجموعة من المؤشرات التي يمكن اعتمادها لتعزيز الصحة العقلية في المدن.  توصي الدراسة بأن تضمين مؤشرات الصحة العقلية في سياسات التخطيط العمراني يتطلب مراعاة مؤشرات وعوامل مختلفة يجب تحقيقها ومنها توفير المسطحات الخضراء والزرقاء وتحسين البنية التحتية للنقل العام مع زيادة المناطق المخصصة للتفاعل الاجتماعي والأنشطة المتنوعة، والحفاظ على الأمن والسلامة في المدينة مع الحد من التلوث البيئي وكذلك دعم البنية التحتية للصحة العقلية.