أحدثت الثورة الشعبية المصرية 25 يناير 2011 تحولاً في علاقة الحركة السلفية بالسياسة، حيث طرأ تحولاً ملحوظًا في مواقفها إزاء القضايا السياسية المختلفة كاستجابة لتغير المناخ السياسي بعد هذه الثورة، مما أسفر عن تشكيلها لأحزاب سياسية، والدخول في معترك العمل السياسي من خلال الانتخابات البرلمانية، بل وحصول أبرز أحزابها وهو حزب النور الذراع السياسي للدعوة السلفية بالإسكندرية على المرتبة الثانية من حيث عدد المقاعد في مجلسي الشعب والشورى. ومن هنا، كان من الأهمية دراسة الخطاب السياسي لهذه الحركة؛ لذا تطرح هذه الدراسة تساؤلاً أساسيًا وهو : ما هي أهم ملامح الخطاب السياسي للحركة السلفية في مصر بعد ثورة 25 يناير كما يعكسه خطاب حزب النور السلفي؟
أما بالنسبة للتساؤلات الفرعية للدراسة فهي تمثلت فيما يلي:
ما هي رؤية حزب النور السلفي لدوره السياسي؟
ما هو موقف الحزب من القوى السياسية الأخرى سواء الدينية أو الليبرالية؟
ما هو موقف الحزب من أهم القضايا المتعلقة بالشأن السياسي المصري وهي:
هوية الدولة.
المواطنة (الأقباط – المرأة).
قضية الديمقراطية وحرية التعبير.
ما هي رؤية الحزب المستقبلية لدوره السياسي؟
وقد اعتمدت هذه الدراسة على أسلوب تحليل الخطاب فتم تحليل الخطاب السياسي لحزب النور السلفي في ضوء السياق التاريخي لهذا الخطاب، حيث ركزت الدراسة على الفترة ما بين تأسيس الحزب في يونيو 2011 حتى توضيح موقف الحزب من مرشح الانتخابات الرئاسية في أبريل 2012.
وقد توصلت الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها:
اتضح من تحليل الخطاب السياسي السلفي بصفة عامة والدعوة السلفية بصفة خاصة قبل ثورة 25 يناير أن السلفيين رغم رفضهم للسياسة، إلا أن بعضهم قد مارسها بشكل أو بآخر .
بالإضافة إلى مكانة الخطاب الديني في نفوس المصريين فقد عكست نتائج الانتخابات البرلمانية الدور السياسي الذي يمكن وصفه بغير المباشر الذي كانت تلعبه التيارات السلفية قبل الثورة، والذي عجزت القوى الليبرالية عن القيام به وهو ما تجسد في النشاط ذو الطابع الخدمي، فضلاً عن النشاط الدعوي.
سعى حزب النور أن يبدو خطابه السياسي متسقًا مع طبيعة السياق التاريخي عقب ثورة 25 يناير، مع عدم تخليه عن التمسك بالهوية الإسلامية للدولة وتطبيق الشريعة وهو ما اتضح من عدة مواقف من أبرزها استخدامه لمصطلح الديمقراطية، وتأكيده على الحريات العامة في إطار الشريعة الإسلامية.
حاول حزب النور من خلال خطابه السياسي إزاء القضايا المختلفة أن يبرز انفتاحه على الثقافة الغربية وعدم انغلاقه على الثقافة الإسلامية فحسب، وهو ما اتضح من خلال استخدام التضفير الخطابي، ليحدد موضعه منها (تداخل نصوص ومقولات لمفكرين من الغرب سواء للتصديق على صحتها أو لمخالفتها بجانب بالطبع الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة وروايات من التاريخ الإسلامي).