تعد قضايا الأحوال الشخصية من أهم القضايا التي تؤثر على كيان الأسرة داخل المجتمعات الإنسانية بشكل عام لا سيما المجتمع المصري. فقد اهتم عديد من الدراسات فى العلوم الاجتماعية بدراسة قوانين الأحوال الشخصية ومدى تأثير التقاضي الرسمي على تسوية النزاعات الأسرية، وخلصت تلك الدراسات إلى وجود عديد من الإشكاليات التي يواجها المتنازعون في قضايا الأحوال الشخصية؛ مما يجعلهم يلجؤون عادة إلى الوساطة كبديل لحل نزاعاتهم الأسرية.  
وبالرغم من الدور الحيوي الذي تلعبه الوساطة فى تسوية النزاعات الأسرية، إلا أنها لم تلق الاهتمام الكافي من الباحثين في علمي الاجتماع والأنثربولوجيا خاصة في المجتمعات العربية. فهناك بعض الدراسات القليلة التي تناولت القضايا الخاصة بالقوانين العرفية كأحد آليات الضبط الاجتماعي في فض النزاعات بشكل عام. في حين أن هناك تعددًا في الدراسات الأجنبية التي اهتمت بفهم دور الوساطة بمختلف اشكالها الرسمية وغير الرسمية في تسوية النزاعات الاسرية. وعلى الرغم من أهمية تلك الدراسات إلا أنها أهملت إلى حد كبير الجوانب العرفية والثقافية في فض النزاعات كما تعكسها الثقافات العربية. ومن ثم فإن الدراسة الحالية، تحاول تقديم فهم شامل لماهية الوساطة من حيث أشكالها ومراحلها وانماطها وكذلك دورها في تسوية النزاعات الاسرية. حيث ينطلق هذا البحث ايمانا بالدور الحيوي الذي تلعبه الوساطة في ضمان حياة كريمة للأسرة المصرية، وهو أحد الأهداف الأساسية للمشروع القومي لتنمية الاسرة المصرية الذى اطلقه سيادة رئيس الجمهورية في يناير 2021 والذى يهدف الى الارتقاء بجودة حياة الاسرة المصرية والمواطن المصري. ومن ثم تحاول تلك الدراسة الخروج ببعض التوصيات الملائمة لتحقيق وساطة جيدة وفاعلة تعمل على ضمان المصلحة الفضلي لجميع افراد الاسرة المصرية.