تبَّعَتْ هذة المقالة (البحث) الجذور الاجتماعية التي نشأت منها الممارسات الغنائية الأولى (إن صح التعبير)، وسعت للإجابة من المنظور السوسيولوجي على التساؤلات التي تتعلق بالدوافع الأولية التي ساقت الإنسان على الغناء في الأصل، وما إذا لا تزال هناک أية ممارسات موسيقية تحمل بذور الغناء الأول في العصر الحديث. هذا وقد وجدت المقالة أن التعبير عن المشاعر الأولية للإنسان کانت اللبنة الأولى والأساسية التي خرجت منها الممارسات الغنائية والموسيقية. وبسبب هذه المتلازمة ما بين التعبير عن المشاعر الأولية والغناء لدى الإنسان اکتسبت هذه الممارسات صفة "الضرورية" لحياة البشر في کل زمان ومکان. کما جاء حضور الجانب الجمالي للممارسات الغنائية الطبيعية هام وذو دلالة، خصوصاً عندما تعرفنا على السمات الفنية العابرة للتاريخ البشري برمته. ولعل "الإيقاع" هو خير من يمثل هذه السمات، وذلک بسبب الحضور المرکزي لهذه السمة الفنية في جميع منظومات الغناء الطبيعي والمحترف والشعبي، منذ النشأة الأولى حتى وقتنا المعاصر.
وفي خضم البحث عن الامتدادات الحديثة للغناء الطبيعي، فإن هناک إشارات علمية واضحة تشير إلى أن الجذر الأول الذي خرجت منه وبشکل مباشر منظومة الغناء الفلکلوري (الشعبي)، کانت الممارسات الطبيعية والأولية للغناء؛ التي بدورها (الغناء الشعبي) تعتبر أحد أهم المنظومات الغنائية في التاريخ القديم والحديث على حد سواء. بهدف التعرف على هذه المنظومة الغنائية عن کثب، إختارت الورقة (البحث) مدينة القاهرة مکاناً (نموذج) مناسباً لهذا الغرض. حيث تمتلک القاهرة تراث غنائي فلکلوري وشعبي کبير وعميق وغني، حضر قديما واستمر حديثاً، وهي بذلک (مدينة القاهرة) تشکل مساحة مثيرة لإجراء العديد من الدراسات الاجتماعية في مجال الفنون بشکل عام وفي موضوع الغناء الشعبي بشکل خاص.