تناولت الدراسة أثر التحوُّلات الحضارية في التفکير النَّقدي عند العرب، وهي ‏التحوُّلات التي تنوعت بين اجتماعية وسياسية وعقائدية وثقافية‎.‎
‏-‏‎ ‎کان انتقال المجتمع العربي من البادية الجدباء في الجزيرة العربية إلى الحواضر ‏المکتنزة بطرائق الترف الاجتماعي بعد اتساع دولة الخلافة مؤذنا بانتقال آخر في ‏الوعي النَّقدي العربي بما يتسق مع هذا التحوَّل الاجتماعي، وقد وقع هذا التحول في ‏بنية المصطلح النقدي کما وقع في الممارسات النفدية.‏
‏- تمثلت التحوُّلات السياسية في انتقال المجتمع العربي من محيط قبلي بدائي إلى ‏دولة مرکزية تُحْکَم من المدينة أو دمشق أو بغداد، قبل أن تتفتت دولة الخلافة إلى ‏دويلات متعددة في العصر العباسي الثاني والثالث، وقد تأثر الوعي النَّقدي العربي ‏بهذه المتغيرات السياسية، حيث أسهمت حرکة الشعوبية التي أججتها هذه الخلافات ‏السياسية في ظهور المذاهب النَّقدية والأدبية التي عبرت عن الموالي مثل مذهب ‏البديع، کما أسهمت الطبقات السياسية في وجود طبقات أدبية موازية، حيث کان ذوو ‏الأصول العربية يرفعون الأسلوب الموروث عن العرب الجاهليين فوق کل أسلوب ‏مستحدث‎. ‎
تمثلت التحوُّلات الدينية في انتقال المجتمع العربي من الوثنية إلى الإسلام ثم في ‏ظهور المذاهب الدينية والفرق الکلامية التي کان لها دور کبير في تطور التفکير ‏النَّقدي، حيث کان لمؤلفات الدراسات القرآنية تأثير جلي في إثراء المصطلح النَّقدي، ‏کما أسهمت الخصومات العقائدية المشتعلة بين شعراء الرسول صلى الله عليه وسلم ‏وشعراء قريش في إرساء مبدأ الموازنات الأدبية وذيوع هذا النمط من الدرس التطبيقي ‏في عدد کبير من المصنفات النَّقدية. ‏
وقد تمثلت آثار الثَّقافة الکتابية في التحوَّل من المنهجية الوصفية إلى المنهجية ‏المعيارية في النظر إلى القضايا النَّقدية‎.‎