يدور موضوع هذه الرسالة حول إمكانية إبطال حكم المحكم، والأسباب التي تؤدي إلى ذلك، فإن كان الحكم القضائي يمكن إبطاله بواسطة الطعن فيه لدى محكمة أعلى بالدرجة، إلا أن حكم التحكيم يختلف تماماً عما هو عليه حكم القضاء.
فالتحكيم له طبيعة خاصة، تكمن في إرادة الأطراف في الالتجاء إليه والابتعاد عن طريق القضاء، وذلك لما يتسم به هذا النظام من خصائص ومزايا غير موجودة في القضاء العادي، من سرعة في حسم المنازعات والفصل فيها، خاصة في المسائل التجارية التي تتطلب دائماً السرعة في الحل، ومن سرية في موضوع المنازعة، هذا بالإضافة إلى ميزة الحرية التي يتمتع بها الأطراف في اختيار قضائهم والقانون الواجب التطبيق على موضوع نزاعهم، فنجد أن معظم الأنظمة القانونية قد سنت تشريعاً خاصاً للتحكيم تلبية لمتطلبات العصر، حيث انتشر التحكيم، وأصبح ضرورياً في معظم المجالات خاصة التجارية منها.
لهذا نجد أن معظم قوانين التحكيم الوطنية، قد عنيت بهذا الموضوع ووضعت ضوابط عامة، وخاصة فيما يتعلق بالبطلان، فرسمت معظم القوانين والاتفاقيات الدولية طرقاً خاصة للطعن بالبطلان بهذا الحكم، وحددت طرق الطعن فيه وحصرت الأسباب التي يبنى عليها الطعن بالبطلان، حيث اختلفت طرق الطعن في ـحكم التحكيم باختلاف الأنظمة القانونية المنظمة له.