يسود مفهوم المستهلك بعضاً من الغموض لدى أوساط الفقه والقضاء، فمنهم من أخذ بالمفهوم الواسع لمصطلح المستهلك، ليشمل أكبر شريحة ممكنة من أفراد المجتمع، وهو بذلك: كل شخص طبيعي أو اعتباري، يحصل على سلع أو خدمات، لأغراض لا ترتبط مباشرة، بممارسة نشاطه الصناعي أو التجاري أو الحرفي أو الزراعي. وقد امتد نطاق هذا التوسع لدى بعض الفقه، ليضم ضمن النطاق الشخصي لعملية الاستهلاك، الشخص الطبيعي أو المعنوي، الذي يحصل على السلع والخدمات لخدمة نشاطه المهني، إلا أنَّ هذا التوجه قوبل بالنقد، لأنه يخالف الفلسفة والحكمة التي قامت عليها تشريعات حماية المستهلك، كما أنَّ في ذلك إحلال لقانون الاستهلاك مكان القانون المدني، بشكل يتنافى مع مقتضيات التشريع.
أما الاتجاه الآخر من الفقه والقضاء، فقد رأى ضرورة قصر مفهوم المستهلك على طائفة محددة ومعينة من أفراد المجتمع، فلا يمتد هذا المفهوم إلى الشخص الاعتباري، بل ينحصر في الشخص الطبيعي دون سواه، طالما حصل هذا الشخص على السلع أو الخدمات لخدمته الشخصية أو العائلية دون المهنية، ارتبطت أم لم ترتبط مباشرة بنشاطه المهني.
وقد أزال المشرع الفرنسي، الخلاف الفقهي والقضائي القائم منذ زمن طويل، حول مفهوم المستهلك، وبذلك بإصداره التعديل بالقانون رقم (364) لسنة 2024، الصادر في 22 إبريل 2024، والذي أصبح سارياً منذ بداية ا مايو 2024، حيث نصت المادة التمهيدية منه ((1/E على أنَّ المستهلك هو: "الشخص الطبيعي، باستثناء التاجر الذي يحصل على سلعة أو خدمة لأغراض تجارته". وتبعه في ذلك المشرع المصري عندما عرف في المادة (1/1) من قانون حماية المستهلك المصري رقم (181) لسنة 2018، المستهلك بأنه: "كل شخص طبيعي أو اعتباري، يقدم إليه أحد المنتجات لإشباع حاجاته غير المهنية أو غير الحرفية أو غير التجارية، أو يجري التعامل أو التعاقد معه بهذا الخصوص".
أما عن المعيار الفاصل بين مفهوم المستهلك وغير المستهلك، والذي انتهجه كل من المشرع الفرنسي والمصري، فهو معيار الارتباط المباشر بين العقد المبرم والمهنة، فكلما كان هناك ارتباط مباشر بينهما، خرج الشخص من النطاق الشخصي لعملية الاستهلاك.