يجب على الدولة متمثلة في أجهزتها الاعتراف بحق الفرد في ممارسة حق التظاهر السلمي، فالتظاهر السلمي ليس من شأنه الانتقاص من دور الإنسان في المطالبة من أجل قضيته الاجتماعية أو الاقتصادية أو الإنسانية؛ وإنما هو منهج إنساني حضاري يسمح باستخدام الوسائل والقدرات السلمية لبسط العدالة الاجتماعية في ظل احترام القانون لأنه من دون السلام وعدالة القانون لا يمكننا أن نأمل بتطبيق حقوق الإنسان وتحقيق التنمية.
وعملية نشر الوعي بالحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة ليست وليدة اللحظة، بل هي ثمرة عمل تربوي لجيل بعد جيل، يرسخ ثقافة حقوق الإنسان حول مفهوم الحرية والديموقراطية والتسامح، وكيفية ممارسته للسلوك الراقي والسليم مع المحيط الاجتماعي، إذ يتصور المتظاهر أن هذه الممتلكات خاصة بالمستبدين من وجهة نظره، مما يجعله يتعمد تخريبها أو إحراقها ظنا منه انتقاما من الدولة التي حرمته من حقه، والحقيقة أنها ملك للمواطنين بالكامل وليست ملك المسئولين وأن المتظاهر نفسه هو من سيتحمل نفقات إصلاح ما خرّب من منشآت عامة طالما أن خزينة الدولة هي التي ستغطي الأضرار لتعود وتسترد الأموال من قوت المواطن نفسه.
فدرجة الانضباط والتنظيم عند ممارسة حق التظاهر والاحتجاج بصورة سلمية هي دليل على ثقافة المجتمع ورقيه، ودليل على وعي المتظاهرين بحقوقهم وواجباتهم. أما خارج هذه البيئة الديموقراطية والتربوية لأي مجتمع لن يتمكن أي فرد من اتباع الأساليب السلمية، وسيجد نفسه يندفع عفويًا إلى التعدي على الأملاك العامة والخاصة، ويمس بحقوق الغير وحرياته العامة، بما يسمى "ثقافة القطيع".
أما بالنسبة للتعويض عن الأضرار الناشئة عن هذه التظاهرات فهي بلا شك مسئولية الدولة، مع الاحتفاظ بالحق في الرجوع على المتسبب متى تم تحديده من منطلق التضامن الاجتماعي ومبدأ المساواة أمام الأعباء العامة.