تحاول هذه الورقة دراسة ماهية الخبز فى أحد المجتمعات الريفية وما طرأ عليها من تحولات وتغيرات، حيث تحاول هذه الدراسة فهم العادات والتقاليد المرتبطة بالخبز وإعداده واستهلاكه بدأ من رصد خصوصية الخبز في مجتمع الدراسة حيث تحديد ملامحه الاجتماعية وصولا إلى رصد تأثير التغيرات الاقتصادية والتكنولوجية والسياسية التي خضع لها الخبز على مدار تاريخه الطويل في مجتمع الدراسة، لينتقل الخبز من رمز وطعام ثقافي، إلى النظر إليه كجزء من ثقافة الاستحقاق باعتباره أحد واجبات الدولة تجاه المواطن، والتي يصعب المساس بها. وقد اعتمدت الدراسة على المنهج الأنثروبولوجي الكيفي للحصول على المادة العلمية الكيفية لموضوع الدراسة،وتم تطبيق الدراسة على عينة مشتركة من الذكور والاناث بقرية ناصر بمحافظة بنى سويف، وقد توصلت الدراسة لعدد من النتائج من أهمها: يمكن القول أن عملية اعداد الخبز فى المنزل الريفي تقليديا هي ماأعطت للخبز هويته التقليدية وجعلته رمزا اجتماعيا وثقافيا، فلطالما ظل إنتاج الخبز طقسا جمعيا شاقا يحتاج إلى عدد كبير من الأيدي المساعدة وهو ما كان يضمن دعم أواصر الترابط ومعرفة أحوال الأخريين تحول الخبز من رمزية الهوية لما كان يرتبط به من عادات جمعية وطقوسية وقيمية بدأ من إنتاجه المنزلي الجمعي إلى مؤشر سياسي تعمل الدولة على دعمه وثباته، فللخبز البلدي وزن سياسي كبير، فهو جزء متوقع من العقد الاجتماعي للدولة مع الجمهور، حيث يتوقع الأفراد الحصول على ما يكفي من الخبز لتناوله من قبل الدولة وهو جوهر ثقافة الاستحقاق، فيعتبر الخبز البلدي هو إحدى الوسائل التي يقيم من خلالها الجمهور شرعية النظام الحاكم، فتوافره يعني إستمرار النظام والرضا به، وعجزه وندرته تعني الخروج علي الأنظمة فهو أبسط متطلبات البقاء.