تحاول الدراسة العكوف على كتاب النمر والثعلب من أجل فحص الوسائل المعتمدة في الحجاج، وكيف كانت تلك الوسائل المحور الأساس الذي شكل منطق القصة بأتمها، وجعل كل عناصرها في خدمة فكرتها أو دعواها، التي هي دعوة انصياع للسلطة واستمالة للدائرة المحيطة بها من الرعية، أو من أهل المشورة والطامعين في النفوذ أو الحكم ذاته؛ من هنا جاءت الدراسة لتبحث في الحجاج ودوره في الخطاب السَّردي، وكيف وظّفَ سهل استراتيجياته من خلال الحوار الذي أقامه بين أبطال قصته.
إن هذه الحكاية السَّردية تقوم على قضية حجاجية وهي المنازعة حول السلطة، إذ تقوم على التمثيل الحكائي، الذي يسند فيه السارد دور البطولة للحيوانات، فكل حيوان يقوم بوظيفة رمزية حجاجية في هذه الحكاية، ويقتضي هذا الافتراض التحليلي تحديد مفهوم الحجاج الذي ننطلق منه، وتأطير الخلفيات الخاصة به.
إن ما يمكن استخلاصه من فرضية الطبيعة الحجاجية لقصة النمر والثعلب يتمثل في جملة من النتائج من أهمها: أن القصة تركز على المجالين السياسي واالتعليمي في آن، بل يمكن القول بأنها رسالة دعائية على صعد متنوعة، إنها رسالة ترهيب لأي محاولة للخروج على السلطة الحاكمة وترسيخ الأمر الواقع، وتغليب المصلحة الفردية والنجاة الشخصية.