تستمدُّ هذه الورقة العلمية أصالتها من دراسة ثقافة الناقد الأكاديمي محمد عبد المطلب في البيئة المصرية من الناحتين: المعرفية والجمالية، وتسير في ثلاثة خطوط متشابكة، تبدأ باستقراء تجربته مع البلاغة العربية، ثم علم الأسلوب، ثم العبقرية وكيفية قراءة المنهج في الوصول إلى نتائج علمية، تشفُّ عن شخصية نقدية مستقلِّة في مسيرة النَّقد الأدبي المعاصر، استطاعت أنْ تهضم التراث النقدي القديم، وتعيد إنتاجه على نحو جديد، يستوعب قضايا الحداثة، ويشتغل على ظواهرها الشِّعرية من خلال أدوات بلاغية قديمة، لا تخلو من الطَّاقة الجمالية، وهذا التفكير العقلاني توارثه النَّاقد عن أسلافه في البيئة المصرية، فلم ينصاع إلى المقولات الأجنبية الوافدة، ولم يؤمن بجدوى المناهج النقدية الحديثة وفاعليتها في البيئات الأجنبية –وإنْ امتلكت أسباب النَّجاح والتفوق-؛ ذلك أنَّها تستقي مقولاتها النَّظرية المستحدثة من تراثنا النقدي القديم، وحَريٌّ بالنُّقاد العودة إلى ينابيع التراث العربي بدلًا من الانبهار بهذه المناهج والانصياع وراء مقولاتها.