يناقش هذا البحث إحدى القضايا الهامة في العالم العربي قبل الحرب العالمية الأولى وهى الأوضاع الثقافية لدى الشوام وتحديداً لدى المتأثرون بالتجربة الفکرية الأوروبية واستطلاع المنتج الفکري للعائدون من أوروبا. لقد ساد في بلاد الشام إبان السيطرة العثمانية حالة من الرکود الثقافي واقتصر التعليم فيها على التعليم الديني فقط حتى جاءت الصدمة الحضارية الأولى متمثلة فى الحملة الفرنسية. کذلک الوقوف على المجلات الأوروبية المترجمة التي کان لها دور کبير في التعريف بالمذاهب الفکرية والفلسفية والأدبية والعلمية وسائر مجالات الثقافة الغربية. بالإضافة إلى ذلک دور البعثات التبشيرية فى هذا الإطار ودورها فى بناء المدارس والمعاهد في أماکن متفرقة ونشر کتب العبادات. أما النقطة الأبرز من ناحية الأهمية فهي إستطلاع البحث لدور البعثات الأوروبية للخارج؛ حيث تمثلت البداية في عهد محمد علي باشا من خلال إرسال الطلاب الشباب إلى أوروبا ليتعلموا هناک.
تأثر العديد من المثقفين الشوام تأثراً کبيراً بروافد الفکر الأوروبي. وقد وقفت الدراسة على العديد من النماذج من هؤلاء المفکرين. کما قامت هذه الدراسة باستطلاع آثار هذه الأفکار والتأثيرات على الحالة الثقافية فى بلاد الشام. لقد ظهر بشکل واضح مدى تأثر هؤلاء المثقفين بالأفکار والمؤثرات الغربية، فوجدت في عقولهم بيئة خصبة لرسم مشهد ثقافي مختلف ومميز بإيجابياته وسلبياته فى بلاد الشام.