تعد السياحة البيئية من أهم الأنماط والأنشطة السياحية المنتجة في العالم؛ وذلك لما تتمتع به من مقومات جعلتها تتصدر قائمة الأنماط السياحية، لاعتبارها سياحة نظيفة تساهم بشكل مباشر في المحافظة على المواقع الطبيعية وبقائها بحالة مستدامة بيئيًّا، واستثمارها بالشكل الأمثل الذي يعود على المجتمعات والأطراف المساهمة بالعملية السياحية بالنفع والربح الكبير. وتكمن أهمية السياحة البيئية كونها ذات تأثير إيجابي على عدة جوانب كثيرة منها الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وذلك من خلال تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز معدلات النمو الاقتصادي، ورفع مستويات الدخل وزيادة إيرادات المجتمع المحلي، بالإضافة إلى كونها مرتكزًا مهمًّا للمحافظة على الموروث الثقافي المادي والمعنوي للمجتمع، حيث تعتبر السياحة بشكل عام بمثابة جسر يربط بين الشعوب وحضاراتهم وتحقيق الانفتاح والحوار بين مختلف الثقافات والأجناس الإنسانية.
وتهدف الدراسة إلى تسليط الضوء على مملكة البحرين والتعرف على أهم مقومات الجذب السياحية الطبيعية والاجتماعية المتعددة والمتنوعة الملائمة لممارسة النشاط السياحي البيئي كالمحميات الطبيعية والسواحل والجزر الطبيعية والتي تسهم في تنمية قطاع السياحة البيئية فيها، فضلًا عن المواقع الأثرية والتنوع الثقافي للمجتمع التي تمتاز بها المملكة، والتي توفر للسياح متسعًا لممارسة الانشطة والفعاليات الخاصة بالسياحة البيئية. كما سعت إلى التعرف على الخلفية العامة والتوجهات في قطاع السياحة البيئية في البحرين، وتحديد مدى ملاءمة الخدمات مع البنية التحتيّة الدّاعمة لنشاط السّياحة البيئيّة، والتعرف معرفة التّحدّيات التي تواجه التّنميّة السّياحية البيئيّة، وتقييم وضع السّياحة البيئية في مملكة البحرين والكشف عن توجّهات المملكة نحو استدامة المقوّمات الطّبيعيّة لتتبع آليات النّهوض بالسّياحة البيئيّة في المملكة، وبخاصة التوجه نحو السّياحة البيئيّة وإبراز دور تقنيات نظم المعلومات الجغرافية في تناول موضوع السياحة البيئية.
وقد خرجت الدراسة الميدانية بالعديد من النتائج، وكان أبرزها ما يلي: جاء الموقع الجغرافي في المرتبة الأولى من حيث فاعليته، وذلك بالنسبة للعينات الثلاثة: الجمهور والخبراء والمكاتب السياحية، وقد بلغ المتوسط العام للمتغير ككل بلغ 3.47 وبانحراف معياري 0.98، وذلك يدل على أهمية الموقع الجغرافي كأحد مقومات السياحة البيئية بالنسبة للخصائص أو للجانب الطبيعي، بينما جاءت الجزر الطبيعية في المرتبة الثانية لدى للعينات الثلاثة: الجمهور والخبراء والمكاتب السياحية، وهذا يدل على أهمية الجزر الطبيعية للدلالة على فاعلية مساهمة العنصر الطبيعي في تنمية السّياحة البيئيّة المستدامة. كما جاءت العيون والمياه الجوفية في المرتبة الأخيرة بالنسبة للثلاث عينات الجمهور والخبراء والمكاتب السياحية، وذلك للدلالة على أن هذا المواقع السياحية لا يتميز بفاعلية في مساهمته في تنمية السياحة البيئية حسب آراء العينة، وقد جاءت البنية التحتية في المرتبة الأولى لدى الثلاث عينات الجمهور والخبراء والمكاتب السياحية، وهذا للدلالة على أن البنية التحتية تعد من أهم الركائز التي يقوم عليها العنصر البشري" الاجتماعي" في تنمية السّياحة البيئيّة المستدامة بمملكة البحرين. كما جاءت الخدمات الصحية في المرتبة الأولى بالنسبة لعينة المكاتب السياحية، وذلك تعد جودة الخدمات الصحية ركيزة هامة لتحقيق التميز في المجال السياحي.
وخلصت الدراسة إلى مجموعة من التوصيات أهمها: استغلال بعض الجزر في الأنشطة السَياحية وتطويرها للجذب السّياحي بشكل أكبر، والعمل على إنشاء جسور للربط بينها وبين الجزيرة الأم" البحرين"، ومن الجزر والمحميات جزيرة مشتان وجزر حوار التي لها مستقبل سياحي واعد، ضرورة التخطيط بشكل تكاملي على الصعيد الوطني والمحلي حسب المتطلبات، والعمل على التنسيق والحد من التداخل في المهام والاختصاصات ودعم التنسيق والتعاون من متخذي القرار في الجهات العليا بالمملكة.