الجزء الأول
الإطار العام للبحث
أولاً: مقدمة:
تعد المشروعات الصغيرة والمتوسطة جزء رئيسي من اقتصاد الدول لما تتميز به من سهولة الإنشاء لصغر حجم رأسمالها ونجاحها وقدرتها على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية، وتتعرض المشروعات الصغيرة والمتوسطة للعديد من المشكلات والمعوقات منها ما هو ذو طابع هيكلي، ومنها ما هو متعلق بالتمويل وما يتعلق بالجهاز الإنتاجي مع عدم وجود تشريعات مناسبة، وتوجد اعتبارات عديدة حول ضرورة وجود شكل مبسط من معايير التقارير المالية الدولية (IFRS) التي يمكن أن تتناسب طبيعة عمل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وحجم نشاطها، ولقد وضع مجلس معايير المحاسبة الدولية مسودة عُرضت لأول مرة في عام ٢٠٠٧ لتلبية احتياجات المشروعات الصغيرة والمتوسطة على نحو أفضل (السيد، 2018).
ولعل أحد الأسباب الرئيسية لعدم كفاءة الاستثمار بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة هو عدم تماثل المعلومات المحاسبية والذي يمكن التغلب عليه من خلال تقديم تقارير مالية جيدة، والذي يتأثر بدوره بشكل كبير بنمط المعايير المحاسبية المستخدمة. وقد جاء إصدار معايير التقرير المالي الدولية IFRS استناداً إلى وجهة النظر أن توحيد المعايير يخفف من عدم تماثل المعلومات بما يحسن من كفاءة الاستثمار، وبالرغم من الاهتمام الواسع من الأدب المحاسبي باختبار تأثير IFRS على جودة التقرير المالي ومن ثم كفاءة الاستثمار، إلا أنه لم يتم الوصول إلى أدله واضحة ومتسقة على ذلك التأثير وهو ما فسره البعض بوجود عوامل محدده لذلك التأثير (الصايغ، 2017).
وتمثل قرارات الاستثمار أهميه كبيرة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث تحدد بقاء ونمو الوحدة حيث قد تحقق منافع طويلة الأجل أو قد تعرض مستقبل الوحدة للخطر، ولا تعتمد الرفاهية الاجتماعية فقط على حجم الاستثمار ولكن أيضاَ على كفاءة تخصيص الأموال بين الفرص البديلة. وينتج عن عدم تماثل المعلومات ينتج عنه تشوهات بالسوق تتسبب في عدم تحقيق المشروع للمستوى الأمثل من الاستثمار إما بالزيادة أو التخفيض فيه. وعلى ذلك فأي آليه للتخفيف من عدم تماثل المعلومات يجب أن تحسن من كفاءة الاستثمار، وبالتالي فالتقرير المالي الجيد يرتبط ايجابياَ بكفاءة الاستثمار لأنه من المفترض أن يخفف من عدم تماثل المعلومات (القاضي، 2018).
وتعتبر المعايير المحاسبية بمثابة البنية التحتية للأسواق المالية حيث تمارس دور كبير في تحسين جودة المعلومات المحاسبية وكفاءة الاستثمار بالمشروعات. وفي هذا السياق فقد جاء إصدار معايير IFRS استناداً إلى وجهة النظر التى تؤيد فكرة أن التخفيض من عدم تماثل المعلومات يمكن تحقيقه من خلال تبنى مجموعة واحده من المعايير على المستوى الدولي بما يحسن من مستوى القابلية المالية للمقارنة، وبالتالي قدرة المستثمر على تحديد الفرص الاستثمارية المربحة وزيادة كفاءة تخصيص رأس المال. وتعتبر تلك المعايير أكثر شمولاً وتوجهاً للسوق المالية، وبالتالي أكثر ملائمة للمستثمرين. فزيادة مستوى الإفصاح عن المعلومات المالية يتيح للمستثمرين مقارنة المشروعات التي تضيف للقيمة وتلك التي تدمر القيمة، ويحسن من وضوح استراتيجيات الاستثمار للمديرين وبالتالي يقلل من عدم تماثل المعلومات (راشدى، 2018).