تعد النقود من الوثائق الرسمية التى يصعب الطعن في صحتها، فهى مصدر مهم من مصادر دراسة التاريخ والآثار والحضارة الإسلامية، وقد اكتسبت النقود أهميتها فى العصر الإسلامى لكونها واحدة من شارات الخلافة الثلاث التى حرص على اتخاذها الخليفة أو الحاكم بعد اعتلائه العرش مباشرة، إلى جانب الدعاء له فى الخطبة، ونقش شريط الطراز بأسمه. فقد حوت منذ نشأتها معلومات هامة توضح أفكار الأمم والدول التى سكتها، وتعكس الكثير من معتقداتها، وتحولت بذلك إلى مرآة تعكس جميع نواحى الحياة فى الدول التى سكتها؛ السياسية، والإقتصادية، والإجتماعية، والدينية، والحضارية، والأدبية، والفنية.

ويحتفظ مركز المسكوكات الإسلامية بجامعة تيوبنجن FINT بألمانيا بمجموعة قيمة من النقود الإسلامية التي تؤرخ لفترات زمنية مختلفة، وقد وقع اختيارنا على عملتين من عصر الدولة الغزنوية نقش عليهما اسم السلطان محمد بن محمود الغزنوى. وتهدف هذه الورقة البحثية إلى دراسة هذين العملتين اللذان لم يسبق دراستهما من قبل وينشران في هذا البحث لأول مرة، ضرب غزنة؛ وهما دينار ذهبى مؤرخ بسنة 421ه، ودرهم فضى مؤرخ أيضاً بسنة 421ه، وترجع أهمية هذين العملتين إلى أنهما يوضحان طرز سك الدنانير في هذه الفترة التاريخية، فضلاً عن ندرة العملات التى تنسب لعهد السلطان محمد بن محمود، وسيتم عرض ذلك خلال هذه الورقة البحثية.

وتقوم منهجية البحث على دراسة تاريخية فنية تحليلية لهذين العملتين محل الدراسة من خلال إلقاء الضوء على فترة حكم السلطان محمد بن محمود، وعلاقته بالدولة العباسية، ثم دراسة وصفية فنية وقراءة النقوش الكتابية للعملات محل الدراسة، ثم تحليل الزخارف والكتابات الواردة من حيث الشكل والمضمون.