أثناء سير الدعوى القضائية أمام المحكمة ، قد تطرأ على الخصومة مفسدة ما ، تترتب من قيام أحد الخصوم أو أي شخص من أشخاص الخصومة بإعمال بعض القواعد أو النصوص على خلاف مقصود المشرع ، مما ينجم عن هذه الإجراءات أضرار ومفاسد تؤثر على حسن سير الوظيفة القضائية وحسن آداء العدالة ؛ مما يتعين على المحكمة في هذا الشأن أن تقوم بدرء هذه المفسدة والوقوف أمامها ودفعها خارج نطاق الخصومة القضائية ، بحسب ما يتوافق مع حسن سير الوظيفة القضائية وحسن آداء العدالة
والقاضي أثناء سير الخصومة القضائية يسعى في المقام الأول لتغليب وترجيح المصلحة العامة على المصلحة الخاصة للخصوم - إذا تعارضت هذه المصالح - ولكن ماذا لو تعارضت مصلحتين كلا منهما تتصف بأنها مصلحة عامة ؟ أو ماذا لو تعارضت مصلحتين كلا منهما تتصف بأنها مصلحة خاصة ؟ هنا في هذا الشأن قد يصمُت القاضي برهة وهو في حيره من أمره ؛ لتحديد أيا من هاتين المصلحتين سوف يُغلب ويُرجح ، برغم تساوي وتوازي المصلحتين في الأهمية والقدر
هنا واستنادا إلى القاعدة الشرعية العامة وهي قاعدة " درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة " يتعين على القاضي تغليب وترجيح المصلحة التي تتجسد في شكل درء المفسدة على المصلحة الأخرى التي تتعارض معها ، ولكي يُغلب القاضي المصلحة المتجسدة في درء المفسدة على المصلحة الأخرى ، يتعين عليه أن يحدد أولا نوعية المصلحة المترتبة من كلا القاعدتين ، لكي يوازن بينهم ويتعرف على المصلحة التي تتجسد في درء المفسدة حتى يغلبها ويرجحها على المصلحة الأخرى .