الحوكمة بالنسبة للقطاع الأمني ركيزة أساسية لتحقيق التنمية العادلة والفعالية وتطبيق لمتطلباتها التي تسهم في رفع رصيد رأس المال الاجتماعي. وهي ذات أهمية كذلك لتحسين صورتها وسمعتها في أذهان الجماهير والمتعاملين، واتخاذ السياسات ورسم الخطط الكفيلة لتكوين سمعة مرموقة بين المؤسسات، والتي تسهم في رفع مستوى أدائها المؤسسي ولتحقيق أداء الدولة ونجاح سياستها الخارجية، والترويج لأوجه النشاط المختلفة فيها.
إن الإشكالية الحقيقية تتمثل في أن الحوكمة الأمنية تتميز بأنها ذات طابع مغاير عن بقية أنواع الحوكمة المؤسسية، وذلك نظراً لظروف عملها في بيئة تنظيمية شديدة الحساسية تعمل في ظل ظروف استثنائية، فالشفافية على سبيل المثال - كمتطلب أساسي لتطبيق الحوكمة المؤسسية - تقف عاجزة أمام مبدأ "المعرفة على قدر الحاجة" كأحد مبادئ الأساسية لسرية العمل الأمني.
لذا فإن الدراسة تستهدف لبحث مدى توافر متطلبات الحوكمة وخصائصها (الشفافية، والمشاركة، والمساواة، الكفاءة، المساءلة) داخل المؤسسات الأمنية ومدى انعكاس ذلك على جودة الأداء بتلك المؤسسات.
ولقد تبنت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي بمداخله: دراسة الحالة، ومنهج تحليل النظم ومن خلال وضع الاستبانة، واختبار الفرضيات للإجابة عن تساؤلات الدراسة، وتم اختيار هذا المنهج لكونه الأفضل والأدق للتعرف على عناصر المشكلة وتحقيق أهداف الدراسة.
وخلصت الدراسة إلى توافر تأثير معنوي لخصائص الحوكمة مجتمعة في جودة الأداء المؤسسي، وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين تطبيقات الحوكمة الأمنية وجودة الأداء المؤسسي، كما بينت الدراسة الميدانية التي أجريت على وزارة الداخلية الإماراتية وجود بعض نقاط القوة في ممارسات تطبيق الحوكمة بخصائصها المتنوعة بصفة عامة في بعدي النزاهة والافصاح والشفافية، كما أظهرت بعض النقاط التي تحتاج لمزيد من الاهتمام في سعي إلى تنمية تطبيقات الحوكمة وخاصة في أبعاد المساواة والمسؤولية.