تضع الحرب أوزارها، وتغلق قبورها، لينزل تِتْر النهاية، معلنًا تحديد مصير أطراف النزاع، ومشيعًا جثمان ما ولّدته الحرب من معاناة وآلام، وتبدأ معاناة الأسر التي فقدت أحد أفرادها في هذه الحرب، فانتهاء الحرب وعدم عودة أحبائهم يعني أن مصيرهم أضحى غير معروف، ويصبح رفيقهم التساؤل عما إذا كانوا على قيد الحياة أم في عداد الأموات.
أهمية الدراسة
يُعَدُّ فقد الأشخاص نتيجة النزاعات المسلحة أحد أكثر الآثار المؤلمة للحرب المنقضية والسارية. وقضية المفقودين تشكل مصدر قلق متزايد في العالم الحديث. ففي الآونة الأخيرة تزايد عدد الأشخاص الذين أُبْلِغ عن فقدهم نتيجة النزاعات المسلحة، فالعام الماضي فقط شهد تسجيل أكثر من 45 ألف شخص في عداد المفقودين لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وتشهد قائمة المفقودين تزايدًا مستمرًّا، فبالإضافة إلى الأشخاص المفقودين المعاصرين، لا يزال في القائمة المفقودون الذين يُعثر على معلومات عنهم لسنوات، بل لعقود، وهذا يترك الأسر في حالة من القلق، وعدم اليقين، وهو ما يهدد فرص إعادة بناء النسيج الاجتماعي للمجتمعات المتضررة، كما أن هذه المسألة وفقًا لما أوضحه قرار الجمعية العامة رقم 73/178 الصادر في 17ديسمبر/2017م لها تأثير سلبي في الجهود الهادفة إلى وضع حد لتلك النزاعات، إذ تعوق الجهود المبذولة لتحقيق السلام والمصالحة في المناطق المتضررة من النزاعات المسلحة، ولذلك فقد تصدى لها مجلس الأمن بقراره رقم 2474/2019، إذ إن الجهود الرامية إلى حل قضية المفقودين قد تسهم في حل النزاعات، والحد من العداء وعدم الثقة والتعصب.