تعتبر الحقوق الثقافة هي الوعاء الفكري والروحي لأي أمة، كونها مخزون تراكمي مركب نتيجة لمحصلة العلوم والمعارف والأفكار والمعتقدات والفنون والآداب، والأخلاق والقوانين، والأعراف والتقاليد والموروثات التاريخية واللغوية والبيئية، التي تشكل فكر الإنسان وتمنحه من الصفات الخلقية والقيم الثقافية فتصوغ سلوكه في الحياة. لذا يقع على عاتق الدولة دوراً هاماً في كفالة هذه الحقوق.
ويقع على عاتق القضاء دور هام في تفعيل الحقوق الثقافية وحمايتها وتفعيل دولة العدالة الثقافية، إلا أنه يثور إشكالية هامة حول مدي إمكانية التقاضي بشأن الحقوق الثقافية وهل الحقوق الثقافية قابلة للتقاضي أسوة بالحقوق المدنية والسياسية، كما تبرز إشكالية أخري تتمثل في وسائل اتصال القاضي الإداري بدعاوي الحماية للحقوق الثقافية؟ وما هي دور العدالة القضائية في تفعيل العدالة الثقافية وإرساء مبدأ الأمن الثقافي، ومن أجل معالجة الاشكاليات الرئيسية والفرعية لهذه الدراسة فقد استخدمنا المنهج الوصفي التحليلي المقارن، من خلال استقراء النصوص الدستورية والقانونية المنظمة للحقوق الثقافية في مصر وفرنسا، وكذا الاحكام القضائية ذات الصلة، مقارنة بالنظام الفرنسي، وقد انتهت الدراسة بجملة من التوصيات جاء أهمها على المشرع المصري مراجعة النصوص القانونية المتعلقة بالحقوق الثقافية وخاصة القانون رقم 138 لسنة 2017م بشأن بإعادة تنظيم المجلس الأعلى للثقافة، وإزالة الغموض الذي يحول دون إمكانية التقاضي بالنسبة للحقوق الثقافية والتنصيص على جواز التقاضي.