تعد الوساطة الجنائية إحدى أهم الوسائل الرضائية المتبعة لتسوية النزاعات الجنائية بالطرق السلمية، الأمر الذي جعلها تسهم بشكل مباشر في علاج أزمة العدالة الجنائية التقليدية 0 ففي ظل التطور العلمي والتكنولوجي في العصر الحديث، وما صاحبه من تطور في علاقات الأفراد، واتساع نطاق التعامل فيما بينهم0 فقد ظهرت نماذج جديدة من الجرائم اليومية والمعتادة، والتي تتسم ببساطتها وقلة خطورتها، والتي تشغل أجهزة الشرطة والنيابة والقضاء، وتعرقل المؤسسات العقابية عن تنفيذ برامج التأهيل والإصلاح للمحكوم عليهم 0
ويقصد بالوساطة الجنائية وسيلة لحل المنازعات ذات الطبيعة الجنائية، والتي تؤسس علي فكرة التفاوض بين الجاني والمجني عليه علي الآثار المترتبة علي وقوع الجريمة، عن طريق تدخل عضو النيابة العامة، أو من يفوضه في ذلك; سواء كان شخصاً طبيعياً أم معنوياً، ويترتب علي نجاحها تعويض الضرر الذي أصاب المجني عليه، وإنهاء الاضطراب الناشئ عن الجريمة، وإعادة تأهيل الجاني، بالشكل الذى لا يكون فيه حاجة للاستمرار في الدعوي الجنائية0
ولقد أصبحت الوساطة الجنائية الأداء المفضلة في السياسة الجنائية المعاصرة ، والتي تشير إلي تحول العدالة الجنائية من عدالة عقابية تؤسس علي الجزاء إلي عدالة أخري أكثر رضائية; فهي تعمل علي إيجاد حل للمنازعات بين الجاني والمجني عليه بعيداً عن الاجراءات الجنائية، مما يؤدي إلي التخفيف عن كاهل القضاء، وتوفير الوقت والجهد والمال لأطراف النزاع 0
وموضوع هذا البحث، يهدف إلي تسليط الضوء علي نظام الوساطة الجنائية في التشريع الفرنسي، من خلال تحليل شروط تطبيقه وكيفية الاستفادة منه، عند إقرار تطبيقه في التشريع المصري0