للحروف معاني ودلالات متعددة، ومن هذه الحروف حروف الجر، فهي تتعدد في معانيها وينوب بعضها عن بعض في بعض الأحيان، ويهدف هذا البحث إلى تسهيل وإدراك هذه المعاني من خلال عرض بعض الأمثلة عن حرف الجر وحرف العطف، وبيان التكامل المعرفي بين علوم اللّغة وعلوم الشّرع من خلال استعمالات الحروف وأثرها في الاستنباط. فالفقيه لا يمكن أن يستنبط حكماً شرعياً مالم تكن له القدرة والممارسة والإلمام بأصول النحو، وفهم مقاصده، إلا بعلم النحو وعلم تخريج الفروع على الأصول، لبيان أسباب الخلاف الفقهي. وابن العربي المعافري واحداً من هؤلاء الفقهاء الذي مزج بين اللغة العربية والفقه الإسلامي.
فإن اللغة العربية وعاء الفكر، وآلة الفهم، وسلّم المعاني، وملجأ الفقيه في استنباط الأحكام، وتفاوت الأنظار، واختلاف الآراء. ومعاني الحروف لها أثر واضح في توسيع الدّلالة، وتعدّد القراءة، واحتمالات الوجوه؛ إذ لكل حرف من حروف المعاني عدّة استعمالات ودلالات.
ومعانيه ثمار دانية يقطفها المدققون من العلماء ويلجأ إليها في الاستنباط الأصوليون والفقهاء، ويميز بينها من خلال الاستعمال والسياق، ويكشف عن المعنى المراد، ولا يمكن فصل علم النحو عن علم الفقه، فهما وجهان لعملة واحدة، ومن شروط المجتهد: أن يكون عالماً باللّغة التي نزل بها القرآن العظيم، والتي نطق بها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلّم.