الاختلافات الثقافية بين البشر، وتباعد الأزمنة، لا يحول دون ظهور قواسم مشتركة بينهم، والبحث عن التجديد من خلال دراسة نسيج التاريخ البصري وتأمل الرصيد الفكري في السجل الحضاري، كان لذلك امتداداً لرسالة الابتكار نحو الكشف عن مداخل جديدة للإبداع والتطلع إلى مفاهيم تتفق مع توجهات الفنون المعاصرة بما لا ينفي علاقة التكامل والتفاعل مع فنون وقيم التراث.

ويفترض البحث أن لفن البيكسل جذور بصرية في التراث الإنساني منذ فنون الحضارات، في المصري القديم والفن اليوناني والروماني، وفنون الحضارة الإسلامية، إلى ما وصلت إليه أساليب بعض اتجاهات الفن الحديث.

فن البيكسل Pixel art هو أحد أقسام الفن الرقمي الرسومي، وتتكون وحدة البيكسل من مفردة المربع دقيق الحجم متناهي الصغر مجتمعة ومتكررة تشكل تكوين الرؤية البصرية للصورة النقطية.

يشكل فن البيكسل نوعاً من النسيج الشبكي لبناء مفردة المربع خلال الشبكية الهندسية المنتظمة لخلق علاقات خطية ذو طابعاً رياضياً، وقد أكدت بعض الدراسات أن أول من أدخل التقسيم الشبكي بخطوط طولية وعرضية تحصر بينها مربعات في تصميماته الفنية كان المصري القديم.

كما أن تأثير نمط البيكسل يشبه إلى حد كبير أسلوب الفسيفساء، الذي عرفه المسلمون منذ العصور الأولى للإسلام، وظلوا يزخرفون بها مبانيهم طوال العصور الوسطى، كما اعتمد الفنان المسلم على شبكيات هندسية ذات محاور رأسية وأفقية ومائلة متساوية الأبعاد باعتبارها نظاماً هندسياً يتحكم في توزيع المفردات الهندسية البسيطة لصياغة تصميماته الديناميكية المركبة. كما تعتبر الشبكية الهندسية المربعة هي الأساس الأول لمعظم الكتابات الكوفية.

كما يتضح في بناء فن البيكسل تأثيرات النسيج الشبكي مشابه لضربات الفرشاة في التصوير، ومن بدء الحركة الانطباعية مهد لظهور تيار فني جديد (التنقيطية pointillism) اعتمد علي منهجية أقرب إلي العقلية والحسابات العلمية أسسها الفرنسي جورج سورا Georges Seurat ، والتي تتميز بتقنيات التنقيط والتقسيم فقام برسم المساحات اللونية على هيئة بقع صغيرة منفصلة من ألوان أصلية متكاملة ينتج عن تجمعها اللون المطلوب إذا نظر إليها من مسافة بعيدة، تقارب في رؤيتها فن البيكسل.