تميزت العمارة الإسلامية بغناها بالعديد من العناصر التي استخدمت في الجوانب الزخرفية والمعمارية، ومن بين ذلک العقود التي لم تکن من ابتکارات المعمار المسلم ولکنها ظهرت قبل ذلک بعمائر الحضارات القديمة وورثتها منها بعد العمارة الإسلامية. وقد استطاع المعمار المسلم أن يقوم بتطوير هذه العقود بعمائره الإسلامية وقدمها بأشکال جديدة لم تکن موجودة من قبل. ومن بين الأشکال المختلفة التي ظهرت بها العقود في العمائر الإسلامية ذلک التکوين الذي يتکون من تداخل هذه العقود مع بعضها البعض. ومما يزيد من أهمية هذا التکوين بالعمائر الإسلامية هو أن المعمار المسلم استطاع أن يقوم بتطويعه ليکون له دورا معماريا إلى جانب دوره الزخرفي الذي کان له بعض الإرهاصات من قبل. ويهدف هذا البحث إلى دراسة هذه ظاهرة العقود المتقاطعة أو المتداخلة واستخدامها کعنصر معماري وزخرفي في العمارة الإسلامية. وتبحث هذه الدراسة في تأصيل هذا العنصر وبيان نماذجه المبکرة في مجال العمارة بشکل عام منذ أقدم العصور، وکيف تطرقت هذه الإرهاصات المبکرة إلى العمارة الإسلامية. وتتبع الدراسة کذلک المحاولات الأولى للمعمار المسلم لتطويع هذا العنصر في عمائره الإسلامية واستخدامه للأغراض المعمارية والزخرفية. وفي الوقت ذاته، تتضمن الدراسة افتراضا بأن المحاولة الأولى لتطويع هذه الظاهرة ليکون لها دورا معماريا إلى جانب دورها الزخرفي يرجع الفضل فيها للمعمار المسلم مع تدعيم ذلک بالأمثلة والقرائن الأثرية التي تدلل على صحة هذا الافتراض. وتتضمن هذه الدراسة حصرا للأشکال المختلفة التي ظهرت بها العقود المتداخلة في العمارة الإسلامية في النواحي الزخرفية مع تأصيل کل منها بتتبع النماذج المبکرة لکل منها مع تدعيم ذلک بالأمثلة ، کما قامت بحصر الحالات المختلفة التي استخدمت فيها العقود المتداخلة کعنصر معماري في العمارة الإسلامية مع محاولة تأصيل کل حالة من هذه الحالات وبيان الإرهاصات الأولى لها لبيان الوصل بين النماذج المبکرة والمطورة في الفترات اللاحقة. وفي النهاية سلطت الدراسة الضوء على تأثير هذه الظاهرة على العمارة الأوربية وأشارت إلى نماذجها في کلا من النواحي الزخرفية والمعمارية.