تعکس الهوية المعمارية للبلدان خصائص المجتمع والبيئة المحيطة بها، وقد لوحظ بالاونة الاخيرة ان تلاشت الهوية المعمارية الفريدة لها ويرجع السبب الرئيسى فى ذلک الى العولمة، وهو ما يشکل صعوبة فى تحديد الهوية الاقليمية والمحلية لکل بلد. ولعل من اکثر العناصر المعمارية التى تميز النسيج العمرانى التراثى العربى هو الفناء الداخلى ، وهو يعد من أهم المکونات المعمارية التي تميز قلب البيوت العربية الاسلامية، فتصميم المنازل القديمة يبدأ في أغلب الأحوال من الفناء. والفناء تم استخدامه من العرب والمسلمين قديما لأهميته في توافقه مع البيئة المحيطة، الثقافة السائدة والاحتياجات الاجتماعية في ذلک الوقت. في مصر، تتميز العمارة السکنية التقليدية في العصر الإسلامي بهوية محلية فريدة و يمثل الفناء الداخلى النقطة المحورية للمسکن التقليدى، حيث کان بمثابة مصدر للتهوية والاضاءة الطبيعية للفراغات المحيطة به.
بالرغم من وجود دراسات مختلفة لتاريخ الاأفنية في العمارة الاسلامية، والنواحي الاجتماعية والثقافية لوجود الفناء في التصميم المعماري، ولکن لا يوجد ترکيز کاف على الخصائص والتأثير الفراغي والحراري له. ففي معظم البيوت الاسلامية التقليدية الموجودة بالقاهرة القديمة، الفناء لم يکن يستخدم فقط للحصول على الخصوصية والتي تعد من أهم المتطلبات في المجتمع الاسلامي انذاک، ولکن کذلک للحصول على الراحة الحرارية داخل المسکن. تستعرض الورقة البحثية الفوائد المناخية والاجتماعية للفناء الداخلى وتوضح تاثيره کاسلوب تصميم طبيعى ومدى کفاءته فى خفض درجات الحرارة بالمدن ذات المناخ الحار الجاف. کذلک، تتضمن الورقة دراسة الموقع، التشکيل الفراغى والاداء الحرارى للافنية الداخلية، ويهدف البحث بشکل رئيسى الى القاء الضوء على التجارب المعاصرة للمنشات ذات الافنية الداخلية التى تم تطبيقها فى مصر ومنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا. واخيرا، يقترح البحث مجموعة من الارشادات التصميمية لتحسين الاداء الحرارى للفناء اثناء مرحلة تصميم المشروعات الحديثة.