الإنسان كائن رمزي بطبعه حيث يتعامل الانسان منذ نشأته بالرمز في كل زمان ومكان، فلكل انسان رموزه ومفاهيمه واختصاراته واسلوب تعامله مع من يحبه ويخاف منه ، وأيضا رموزه التي يتركها ويلهم بها احبائه ويخشى عليهم من اعدائه، فللرمز أهمية كبرى منذ بداية نشآه الانسان حيث أبدع الرموز وشكّلها باختلاف صورها، واستطاع عبرها أن يشيّد مملكته الفكرية الواسعة عبر تقاطعات الزمان والمكان، واستطاع في الوقت نفسه أن يشكل أداة منهجية وُظفت بفاعلية في تفسير وتحليل النظم الحضارية عبر التاريخ الإنساني، ودراسة العقائد الدينية.

وقد ارتبط الرمز بدلالاته الروحية المختلفة بكل أنواع الفنون عبر العصور وباختلاف المكان والزمان، كما تتميز الفنون الأثرية عبر التاريخ بسمات رمزية تميزها عن غيرها من الفنون الأخرى.

فالرمز يشكل ظاهرة اجتماعية ثقافية كونية متناهية التعقيد، بكل المقاييس، وبالتالي فإن دراسة حدود الظاهرة الرمزية، وتحديد أبعادها، يشكل حاجة فكرية وثقافية ملحة ومهمة

ومن هنا ظهرت مشكلة البحث في الإجابة عن التساؤلات الآتية:

• هل تطور شكل الرمز في النماذج الاثرية وتأثر بما قبله في عصور سابقة؟

• هل هناك دلالات ومعاني روحية مرتبطة باستخدام الرمز في النماذج الأثرية المختلفة؟

هدف البحث: توصيف وتحليل بعض النماذج الأثرية للتعرف على الدلالات الروحية والمعاني المرتبطة باستخدام الرموز في العصور المختلفة.

الرمز في اللغة يعنى الإيماء أو العلامة، أو هو شكل من أشكال التعبير اللفظي وغير اللفظي، والذي من خلاله يستطيع العقل البشرى أن يتقبله ويستخدمه من أجل إخفاء معاني محددة، أو استخلاص مفاهيم قد يصعب شرحها، فهو في النهاية أحد وسائل الفهم والتعبير معاً، ويبدو أن الرمز ارتبط مع الإنسان للتعبير عن العالم الروحاني اللامحدود، وهي محاولة للربط بين تلك العوالم الكونية والعالم الإنساني المحيط به.

ويعرف الرمز بأنه "المصطلح المعطى لشيء مدرك ممثلا للعقل لشيء ما غير معروض ولکنه مفهوم اي أن الـرمز هـو تمثيل شـکلي لشيء ما بغرض استدعائه ذهنيا حتى يمکن إدراكه عندما يکون غير قابل للإدراك.

ساهم العديد من المفکرين فى وضع تعريف لظاهرة الرمز على اعتبار أن الشکل الرمزي من العناصر التشكيلية الهامة في مجال التعبير الفني کما انه يعنى القدرة على إطلاق أشكالا ترتبط بالوجدان وتوظيف الخيال، حيث عرف "بأنه ذلك الشيء الذي يوحى بشيء أخر ويربط بينهما دلالة أو صفة أو فکرة غير محسوسة ولکن تدرك العلاقة بينهما عن طريق الارتباطات التي تقيمها المشاعر والوجدان.