تعتبر الدلالة الثقافية احدى أدوات الفنان لطرح الكثير من القضايا والظواهر العالمية بإعتبارها طرحاً يتمتع بدقة كبيرة في الفهم والتفسير فتشمل نواحى متعددة منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية " فبحلول خمسينيات القرن العشرين، كان مذهب "التعبيرية التجريدية" يرتبط بمفهوم الحرية الفردية، وكانت أعمال الفنانين المنتمين لهذه المدرسة الفنية تفهم على انها تعبير ذاتى عن حياة كل منهم، وعما يدور فى داخلهم. ونتيجة لذلك شكلت تلك الحركة الفنية الأمريكية وسيلة مفيدة لإلحاق الهزيمة بالمدرسة الواقعية في الرسم، التي كانت معتمدة رسميا في الاتحاد السوفيتي السابق، والتي كانت تحبذ الرسوم التي تصور الحياة كما هي دون نزوع للمبالغة أو الخيال.

عندما أدركت الحكومـة الأمـريـكيـة أهمية الجانب الثقافى لمواجهة الشيوعية مبكرا ، بعدها قامت بتصويب ضرباتها على جبهة الثقافة العريضة بما تشمله من أفكار وفنون وأداب وعلوم، وكل ما يتعلق بالكلمة المقروءة والمسموعة والمرئية، في محاولة متواصلة لتغيير أذهان الشعوب وتشجيعها على كراهية الشيوعية بتقديم النموذج الرأسمالي الأمريكي ثقافياً بأبعاده في الحرية الفردية، والعمل على استزراعه في مختلف البيئات، ساعد على ذلك الأذرع الثفافية للولايات المتحدة الأمريكية المتمثلة فى :

المراكز الثقافية الامريكية حول العالم : تعتبر من أكثر عناصر التأثير الإيجابي في الآخرين، وهي الآن في مقدمة عناصر القوة الناعمة لأي دولة.

الصراعات الجيوسياسية : أن دوامة الصراعات الجيوسياسية دفعت الآلاف من الفنانين والمثقفين الأوروبيين الرائدين في مجالهم للمجيء للولايات المتحدة الأمريكية خلال فترة الحرب الباردة، خاصة في ظل صعوبة التبادل الثقافي مع كل من الاتحاد السوفييتي وأوروبا الشرقية، لتحقيق أقصى استفادة منهم في المجتمع الأمريكي.

متحف الفن الحديث أحد المنابر الثقافية : أرتبط متحف الفن الحديث ببرنامج الحكومة الامريكية السري للحرب الثقافية.

فحدث التحول التدريجي من الثقافة الشيوعية إلى الثقافة الرأسمالية ؛ وبهذا لم تجد أمريكا أفضل من فنون الجرافيك منبرا وسبيلا لنشر تلك المفاهيم نظرا لتعدد النسخ وسهولة الانتشار.

أستعرض البحثان أعمال مجموعة من الفنانيين التعبيريين التجريديين والتى أتسمت اعمالهم الجرافيكية بأن لها مستويين ضمن اتجاهين، الأول تحديد الأشكال بحدود خطية صارمة شديدة الاختصار تصل إلى درجة التلخيص الذي يجعل الأساس الواقعي للأشكال بعيداً عن الإدراك، والثاني البحث عن تفاصيل الشكل ضمن قولبة جغرافية صارمة للون من خلال آلية التجريب اللوني"