التراث هو ذاكرة المجتمع بما مر عليه من أحداث وأزمات ومراحل تطور مختلف الإبداعات واستمراريتها ، فهو ناتج عمليات اجتماعية لأمة ما في حضارات سابقة يتم وراثتها من السلف إلى الخلف ، وتمتد لتشمل الموروث المادي الملموس أو الفكري غير الملموس الذي تتوارثه الأجيال في جميع جوانب النواحي المادية والوجدانية ، وقد إتسعت مفاهيم العالم للتراث في الآونة الأخيرة لتشمل كل الأنشطة الإنسانية و منها الأنشطة الإقتصادية و الحرفية ، و يعاني التراث المصري من مشكلات إدارية و تشريعية و من عدم ملاءمة أساليب التدخل الرسمي في المناطق التراثية بعدم و جود شفافية كافية و البحث الرسمي عن العائد الإقتصادي المباشر من خلال إستغلال المواقع الواقعة داخل و علي حدود المناطق التراثية بعمل مشاريع إستثمارية لا يكون للسكان الأصليين للمنطقة مشاركة فيها و دون إدارة حوار مجتمعي معهم ، مما يجعلهم غير قادرين علي المشاركة في وضع الخطط أو تنفيذها أو الإستفادة بمنتوجها الإقتصادي علي أقل تقدير ، و قد ظهر فارق كبير فيما بين أهمية المشاركة المجتمعية و إنتهاج سياسة bottom-up في منطقة الصاغة بالجمالية مع صناع صياغة الذهب و الحلي حيث كان قرار الإنتقال بالصناعة من الجمالية إلي مدينة مدينة العبور مع إحتفاظهم بملكيتهم للمنطقة التي خرجت منها الصناعة و تحويلها إلي نشاط مرتبط بالنشاط الأصلي و هو تجارة الحلي بالجملة، وبين إخلاء منطقة المدابغ خلف سور مجري العيون من قبل الجهات الرسمية و إستغلالها في مشروعات إستثمارية لا علاقة لها بالنشاط الرئيسي للمنطقة و إنشاء منطقة صناعية خاصة بصناعات الجلود بمنطقة الروبيكي بين مدينة بدر و مدينة العاشر من رمضان ، وقد أثمر إسلوب التدخل بالحالة الأولي علي كيفية مشاركة الصناع و أربار حرفة صناعة الحلي عن المشاركة الفعالة في إنشاء البنية الأساسية و الخدمات اللوجستية الخاصة بهم علي نفقتهم و مشاركتهم الدولة في بناء و تجهيز مصلحة الدمغة والموازين ، بينما في الحالة الثانية ، فقد ولد حالة من عدم الرضا و بالتالي إحجام بعض الحرفيين عن المشاركة و تعطيل الإنتاج و عزوف بعضهم و إعتزالهم المهنة نتيجة بعد المكان الجديد للصناعة عنهم و عن محال سكنهم .