الملخص :
إن الفنَّ الإسلاميَّ مصدرُ إلهامٍ قويٍّ للفن التشکيلي على مرِّ العصور، والأعمال الفنية الحديثة أقربُ ما تکون لروحِ الفن الإسلامي من حيث المفهوم والفلسفة، وقد تواصل الفنُّ الإسلامي مع ما سبقه من فنونِ الحضارات القديمة والمعاصرة له في تناغمٍ تحقَّقت معه الهوية الثقافية الدالة على کل مجتمع في إطارٍ عامٍّ اتَّسم بصبغة الروح الإسلامية؛ مما يمکِّننا من تمييزه الآن من بين الآلاف من الأعمال الفنية. وکان لـ(إيران) شأن عظيم في الفن بين الدول الإسلامية؛ حيث إنها قد اهتمَّت بتشييد العمائر الفخمة کـ(الجوامع- القصور- الأضرحة...)، استخدم الفنانُ الإيراني في تجميلها (الجصَّ والزجاجَ الملوَّن وبلاطاتِ القيشاني المرسوم) وخاصةً في تزيين القصور مثل (قصر جهل ستون أو الأربعون عمود)، و(قصر جولستان أو ما يعرف باسم حديقة الزهور)، هذان القصران اللذان کانا مصدرًا لإلهام فناني أوروبا فيما بعد الحرب العالمية الثانية؛ حيث استفاد بعض الفنانين من جداريات تلک القصور، وقاموا بتجميل منازلهم والحدائق التي تحيط بها، وابتکار تصميمات جدارية جميلة مستوحاة من الفن الإيراني الصفوي في العصر الإسلامي ولکن بأسلوب ومعالجات فنية جديدة تتماشى مع ملامح وسمات الفن فيما بعد الحداثة؛ فنشأ أسلوب فني جديد، يعرف باسم (فن البيئة المرئية المعاصر)، وجاءت أعمال بعض فناني هذا الاتجاه أمثال (روبرت فازيير، جورج هاورد، فريدريک أتريل...) وغيرهم، لتعبِّر عن أسلوب فنِّي وإبداع معاصر، ولکن بتقليد قديم يشبه في معالجته التصوير الجداري الإسلامي الصفوي في إيران؛ حيث استخدام الأطباق الخزفية والمجسَّمات النحتية وسط الفسيفساء الخزفية والزجاج الملون، التي استبدل بها الفنان المعاصر الصدف والأحجار والخامات البحرية، لإضفاء نوع من الحداثة والتلقائية، وهو بذلک قد حقَّق سمةً قام عليها الفن الإسلامي؛ وهي تسخير الطبيعة وعناصرها وإعادة صياغتها وترکيبها؛ لتحاکي الفن الإسلامي بمختلف أشکاله، فالفن الإسلامي اعتمد على إظهار الأحاسيس غير المرئية، ونقل ما هو مرئي منها، إلى جانب صنع الجمال من خلال تصوُّر شامل للإنسان والکون.