يشير مصطلح النظريات المعرفية إلى الأنشطة العقلية التي يقوم بها المتلقي في إطار عملية التذوق الفني للأعمال الفنية، والأنشطة العقلية "هي تلک العمليات التي تنطوي تحت مفهوم المعرفة لإکتشاف وتفسير وتصنيف وتذکر المعلومات، وتقييم الأفکار ومبادئ الإستدلال وقواعد الإستقراء، وغير ذلک من الجوانب المعرفية التي تمثل الخبرة الإنسانية في موقف التذوق الفني". والتذوق الفني لأعمال الفن يمکن ربطه بالنظريات المعرفية، خاصة وأن إتجاهات فنون ما بعد الحداثة دعت المتذوق إلى التفکير بشأن العمل الفني، کما دعت إلى التوقف عن الإنفعال المباشر للشعور تجاه العمل الفني، وأضفت مزيداً من الغموض عليه، وهو بدوره ما أثر على نظرة المتذوق للفن إلى تلک الأعمال الفنية، في محاولة لفک طلاسم الغموض الذي يکتنفها، خاصة وأن التذوق المبني على الإحساس والشعور تجاه أعمال الفن النموذجية لم يعد صالحاً مع هذا النوع من الفن. وفي هذا الإطار فإن عملية التذوق الفني للأعمال الفنية هي عملية اتصالية في الأساس, تقتضي وجود ثلاثة أطراف، وهم المرسل أو الفنان / المستقبل أو المتلقي / الرسالة أو العمل الفني. وبالتالي فإن "عملية التذوق الفني تثير الجوانب المعرفية لدى المتلقي لإستکشاف ماهية العمل الفني وموضوعه وجمالياته، بحيث يمکن تذوقه من خلال إعادة التفکير حول ما کان سائداً من الأفکار أو النظريات.
ويهدف البحث إلى الکشف عن النظريات المعرفية التي تسهم في تفسير عملية التذوق الفني لأعمال فنون ما بعد الحداثة، بينما تکمن مشکلة البحث في إمکانية الکشف عن النظريات المعرفية المفسرة للتذوق الفني لفنون ما بعد الحداثة؟. وتتمثل أهمية البحث في دراسة النظريات المعرفية الداعمة للنشاط العقلي في مواجهة العمل الفني في إطار عملية التذوق الفني. البحث في الإمکانات الفلسفية للنظريات المعرفية ودورها في تفسير عملية التذوق للعمل الفني بصفته مثير جمالي. وإلقاء الضوء على مختارات من الأعمال الفنية ما بعد الحداثية التي تدعم النظريات المعرفية المفسرة لعملية التذوق الفني.