يوجد العديد من الأعمال الفنية التي تتبع المذهب البرناسي الذي يتبنى نظرية الفن للفن وهو بدوره ما ألقى بظلاله على إشکالية التلقي للعمل الفني المعاصر، فالتلقي في العمل الفني التشکيلي يعکس أشکال متنوعة من التفکير المنهجي والفهم البصري للعمل الفني کمردود مباشر على التفاعل بين المتلقي والعمل الفني على مستويات التفکير الجمالي. وهذا بدوره ما يمنح العمل الفني التأثير المباشر على حواس المتلقي وإنفعالاته بشکل کبير. إن العمل الفني بما يتميز به من حضور حسي يتوافر فيه من خلال مجموع العناصر المکونة للعمل الفني، والتي تشکل في مجملها موضوع العمل. إلا أن الفن للفن ترفض کل ما سبق وتتعامل مع العمل الفني في صورته الشکلية وترفض أي نوع من أنواع الإتصال غير الحسي بين المتلقي والعمل الفني، وذلک نظراً لفلسفتهم في أن العمل الفني لا ينبغي أن يجلب على المتلقي أکثر من المتعة والسرور، ولا ينبغي أن يعکس فلسفة أو فکر محدد يتبناه الفنان في العمل الفني.
إن نظرية الفن للفن والمذهب البرناسي يرى أن العمل الفني التشکيلي يتألف من عدد من العناصر الشکلية ذات المغزى الحسي، وأن تلک العناصر لا ينبغي أن تتعدى کونها حسية وتتمدد إلى أن تحمل مضامين فکرية أو فلسفية أو جمالية ينقلها الفنان إلى المتلقي في إطار تجربة التلقي للعمل الفني بحيث أنها قد توحي إليه بالمعنى الکامن خلف العمل الفني، وبالتالي فإن المذهب البرناسية وتبنيه لنظرية الفن للفن يستند بشکل أساسي على العامل الحسي الذي يرتکز بدوره على مفهوم الجمالية الفنية للعمل الفني ودورها في التعامل مع المتلقي للعمل الفني.
فيما يهدف البحث إلى الکشف عن فلسفة التلقي للعمل الفني التشکيلي، والإشکالية النظرية للمذهب البرناسي في التعامل مع المتلقي بينما تکمن مشکلة البحث في السؤال عن إمکانات رصد إشکالية التلقي للعمل الفني التشکيلي المعاصر في ضوء المعطيات النظرية للمذهب البرناسي ونظرية الفن للفن؟