مع تآكل النظام الخطي القديم للإعلام الذي يسير في أغلبه في اتجاه واحد، وظهور الإعلام الجديد الذي فرضته معطيات الحتمية التكنولوجية، قد يواجه الباحثون في مجال الإعلام الجديد بعض الإشكاليات المتعلقة بإعداد الإطار النظري للبحث، فبعض النظريات الكلاسيكية يمكن تطويرها لتتماشى مع الإعلام الجديد، والبعض الآخر لا يصلح استخدامه كإطار نظري يفسر ظواهر الإعلام الجديد.
     ومن هذا المنطلق جاء هذا البحث في محاولة متواضعة للمقاربة بين النظريات الكلاسيكية والمستحدثة في ضوء الاتجاهات الحديثة في بحوث الإعلام الجديد، حيث قام الباحث بتحليل (210) أبحاث منشورة عن الإعلام الجديد منهم (110) أبحاث عربية و(100) بحث أجنبي في الفترة من 2013 حتى 2023.
    وتوصل البحث إلى مجموعة من النتائج، أهمها: أن بحوث الإعلام الجديد استخدمت الكثير من النظريات الكلاسيكية دون محاولة من الباحثين تقديم مقترحات لتطويرها، وأن نسبة (41.7%) من العينة ذكرت النظرية دون توظيفها، أما البحوث التي وظفت النظريات في صياغة الفروض فقط فبلغت نسبتها (23.4%)، والتي وظفتها في تفسير النتائج (21%)، وكانت أقل نسبة هي البحوث التي وظفت النظرية المستخدمة في صياغة فروض البحث وتفسير نتائجه حيث بلغت (13.7%)
   وقدم البحث الحالي نموذجًا مقترحًا يدمج بين النظريات الأكثر استخدامًا في بحوث الإعلام الجديد متمثلة في نظرية الاستخدامات والإشباعات، ونظرية ثراء وسائل الإعلام، ونظرية الاعتماد على وسائل الإعلام، تحت مسمى "نموذج الثراء والاستخدام والاعتماد"؛ في محاولة منه لتفسير التأثير المتبادل بين الإعلام الجديد والجمهور المتلقي.