هدفت الدراسة الحالية إلى الوصول إلى نتائج يمكن أن تكون دافعًا ونقطة انطلاق للاهتمام بموضوع بناء الحجج وترتيبها داخل الخطاب الكاريكاتوري، عن طريق مراعاة الأنساق بين الجانبين اللساني والأيقوني للإرسالية الكاريكاتورية، وكذلك البحث عن كيفية بناء العلاقات بين الحجج والرسم.
     وذلك بهدف الوقوف على استراتيجيات الحجج التي وُظفتْ داخل الرسم الذي تناول خطاب العنف ضد المرأة، وحُدًّت الدراسةُ بالخطاب البصريّ المتمثل في الرسم الكاريكاتوري لدى الفنانة "دعاء العدل"؛ إذ إنها  حاصلة على وسام مناهضة العنف ضد المرأة، وصاحبة  كتاب بعنوان "50 رسمة وأكثر عن المرأة"، رصدتْ من خلاله معاناة المرأة وأشكال العنف المختلفة التي تتعرض له، وتم اختيار أربعة رسوم من الكتاب ونشر بعضها على صفحات جريدة المصري اليوم، وعلى صفحتها الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لما تحمله تلك الرسوم من دلالات وحجج مختلفة لأشكال العنف وأساليبه المختلفة، والكشف عن النتائج المضمرة وراء هذه الصور؛ إذ لم يقف- من لدنه- عند الحدود الشكلية التي تحمل أشكال العنف ضد المرأة، إنما محاولة الكشف عن النتائج المضمرة، أو ماذا تود المنتجة للخطاب أن توصله إلى المتلقي من وراء الصور الجاهزة المتبدية في أبعادها اللونية والخطية؛ لتتكشف لنا ما وراء الخطوط والصور، وهو ما يمثل النتائج المضمرة خلف الخطاب. وعليه تهدف الدراسة إلى:

محاولة كشف العلامات داخل الصور.
مدى تحقق الوجهة الحجاجية داخل الصور الكاريكاتورية.
الكشف عن الدلالات الضمنية داخل الخطاب الكاريكاتوري.
الوقوف على آليات الحجاجية الممثلة في الرسم لإقناع متلقي الرسالة.

وتوصلت الدراسة إلى ثراء الأنساق العلاماتية غير اللغوية؛ فاللوحات جميعها يمكن أن تنبني على قاعدة منطقية مؤداها:
المرأة مضطهدة.
     وهي النتيجة التي حاول الخطاب أن يؤسس لها في جميع الصور محل الدراسة؛ ليجذب المتلقي إليها، ومن ثم تحريكه نحو سلوك محدد.
   وبهذا يكون الخطاب أكثر نجاعة؛ إذ حاول الفنان- بشكل كبير- أن يرأب الصدع بين الفجوات الدلالية والصور الآنية المشاهدة؛ للوصول إلى قنوات الإقناع، خاصة وأنها تستمد مشروعيتها باعتبارها قضايا لها مرجعيتها المذهبية والاجتماعية التي تقضي إلى تسليم المتلقي؛ إذ إنها قارة في وعيه الجمعي بوساطة استخدام صور تدعو إلى تحريض المتلقي واستثارته نحو فعل محدد؛ فيأبى المتلقي إلا أن يقبل ويسلم ويذعن للدعوى محل الطرح، خاصة وأن الحجاج يعمل- بشكل كبير- في مثل هذه الدعاوى التي تتصل بفعل ثائر أو قضايا جدلية.
- منتج الخطاب حاول توظيف الأساليب البلاغية الأفقية؛ والتي تمثلت فى الطِّباق بشكل كبير؛ إذ حاول الطِّباق أن يستجلى لنا مدى فداحة الدعوى محل الطرح، والتي حاولت أن تستفز المتلقي، وتستثير انتباهه، وتدفعه دفعًا نحو سلوك وفعل محدد.
- حاول الطباق أن يعلي من مقصدية الرسالة التواصلية؛ من خلال اللعب بالخطوط الطويلة والقصيرة فضلًا عن استكناه الدلالات النفسية داخل العلامة الأيقونية الشكلية. استطاع منتج الخطاب أن يوظف اللون بوصفه رابطًا حجاجًا مهمًا من خلال إيراده على هيئة التكرار الترابطي؛ إذ التكرار يعمل على إبراز الفكرة وإيضاحها، وما أنجع أن يتمظهر هذا التكرار في موتيفة اللون التي تترسخ في ذهن المتلقي ولا تغيب عنه.
- جاءت الصور في نسق وسلم حجاجي متصاعد بغية إقناع واستمالة وتحريض للمتلقي لفعل محدد.
- أيضًا لم يكتف المنتج بإيراد الأساليب البلاغية الأفقية، وإنما أخذ- أيضًا- من الأساليب الرأسية تكأة له في التأسيس لفكر محدد مقصود، ومنها التصوير الاستعاري بوساطة توظيف المجاز بأبعاده وعلاقته.
- حاول منتج النص أن يوظف الخطوط داخل اللوحات لتدعيم مناط الطباق، تلك التقنية الحجاجية المهمة التي تساعد على إبراز الشيء وتأسيسه؛ إذ لا يتضح الشيء إلا بنقيضه، وهو ما يساعد على إبراز الفكرة داخل ذهن المتلقي.
- حاولت الدراسة أن تبحث صورة المرأة في سياق العنف بأشكاله المتعددة؛ من خلال تطبيق آلية الحجاج والأساليب البلاغية الدالة على علاقة الوصل داخل الخطاب.
- وأوصت الدراسة بضرورة الانفتاح على حجية الفنون المرئية الأخرى كالكوميكس– وأفلام الكارتون والتصوير المفاهيمي، وكذلك أهمية تطرق الباحثين إلى الدراسات البينية؛ لما لها أثر عظيم في تفسير كثير من الخطابات لا سيما فيما يتعلق بمجال البلاغة الحديثة والإعلام.