تتناول الدراسة أحد أشكال الحراك الرقمي، المتمثل في مجموعات مناهضة العنف ضد المرأة في المجال العام، ويضم هذا الحراك عشرات المجموعات المختلفة، ويشكل نواة لحركة اجتماعية قيد التشكل تضم عدة خطابات، بعضها نسوي، وبعضها حقوقي عام، وإن كانت تشترك جميعها في طرحها، وبقوة، لسؤال سلامة الجسد ووجود النساء في المجال العام. وتركز الدراسة تحديدًا على ثلاث نقاط أساسية، هي: آليات بناء كل من خطاب الحركة (Framing)، وطرق العمل على الأرض (Repertoires)، والتأثير المتبادل بينهما، والعلاقة بين الخطابات النسوية المختلفة التي طرحتها تلك المجموعات، وأخيرًا كيفية بناء مشكلة العنف ضد المرأة من قبل تلك المجموعات كمشكلة اجتماعية، ودور الخطابات النسوية المختلفة في صياغة تلك المشكلة.
ونظرًا لاتساع تلك الحركات والمجموعات، وتعدد الفاعلين فيها، تُركز هذه الدراسة الإثنوجرافية القصيرة على عدد من المجموعات الناشطة في إطار الحركة الأوسع لمناهضة العنف ضد المرأة، هي: قوة العمل المناهضة للتحرش والعنف ضد المرأة، وحركة بصمة، والمنظمة النسوية "نظرة للدراسات النسوية"، والمجموعة الإلكترونية "ثورة البنات"، وذلك نظرًا لطبيعة دور مواقع التواصل الاجتماعي في الوصول إلى آلاف الشابات والشباب، وبشكل خاص تطوير ما يُعرف في أدبيات الحركات الاجتماعية الجديدة بـ"النضال الرقمي من أجل الاعتراف"، أي بلوغ الشروط الاجتماعية التي تُمكِّن فئة ما من الحصول على حق معين سلب منها تاريخيًا، يناضل الفاعلون الرقميون هنا بالأساس من أجل "تغيير التقييمات الجماعية والحصول على التقدير الاجتماعي، أي بكلمة واحدة من أجل بلوغ الشروط الاجتماعية للاعتراف". وتعتمد منهجية البحث الميداني في هذه الدراسة على المقابلات البحثية المُطوَّلة مع عدد من الناشطات المنخرطات في المجموعات والمنظمات والحركات السابقة الذكر.