المستخلص: للحوار أهمية كبيرة ودور مهم في التواصل والتفاهم مع الآخرين، فهو وسيلة للتعارف والتآلف، وهو أسلوب من أهم أساليب التربية الإسلامية وأفضلها ومنهج للدعوة والإصلاح. يقصد به إقامةُ الحجة، ودفعُ الشبهة، وبيان الفاسد من الأقوال. وهو تعاون بين المُتناظرين على معرفة الحقيقة والتَّوصُّل إليها. وتراثنا الإسلامى مليء بالكثير من نماذج الحوار والمناظرات المثمرة بين الأئمة والعلماء، ونحن فى حاجة شديدة إلى هذه الصور لتكون لنا قدوة ونبراسًا يستضيء به شبابنا؛ فيسيرون على هدى من السلوك الذى ينهل من معين الكتاب والسُّنة، ويعمل بالحق ويجاهد فى سبيله. والإمام الليث بن سعد أحد هؤلاء العلماء البارزين الذي ربطت الصداقة والمحبة بينه وبين إمام المدينة مالك بن أنس، وكانت تجري بينهما لقاءات ومراسلات أثمرت كثيرًا من الفوائد العلمية في الفقه والأصول والأخلاق والآداب. وقد اختلفا في الكثير من المسائل الفقهية، وكان الخلاف بينهما مثالاً للحرص على الحقيقة وأنموذجًا في شجاعة العالِم في مواجهة الخطأ. وجاءت هذه الدراسة الموجزة لتحاول تَسْليط الضوء على الجوانب الخُلُقِيَّة وآداب الحوار والمناظرة بين هذين الإمامين الكبيرين من خلال رسالة الإمام الليث إلى الإمام مالك. أسباب اختيار الموضوع: 1- ما أشرت إليه – فيما سبق- من أهمية الحوار وحاجتنا إليه لاحتواء الصراعات والاختلافات، ودعم أواصر التآلف والمحبة بين الناس. 2- أھمية رسالة الليث بن سعد كأنموذج رفيع في آداب الحوار بين العلماء. استعان الباحث في دراسته بالمنهج الوصفي والمنهج المقارن والمنهج التحليلي. احتوى هذا البحث على مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة؛ في المقدمة تناولتُ أهمية الموضوع، وأسباب اختياره؛ والدراسات السابقة، وخطة البحث، ومنهج الدراسة. واحتوى المبحث الأول على ترجمة الليث. وتناولت في المبحث الثاني مفهوم الحوار والمناظرة وأهميتهما. ثم تناول المبحث الثالث آداب الحوار والمناظرة في رسالة الليث بن سعد إلى أنس بن مالك.