تعد دولة السودان عمقاً استراتيجياً لمصر من حدودها الجنوبية، كما تعد معبراً مهماً لها للانطلاق إلى عمق أفريقيا، فهو بلد المعبر سواءً من البحر أو البر
 أو الجو، ويمكن أن نصف العلاقات بين مصر والسودان بأنها تاريخية، حيث يربط البلدين الجوار الجغرافي، واللغة المشتركة، والمعابر البرية، كما تتشابه تربة الأراضي السودانية إلى حد كبير مع طبيعة الأراضي المصرية، وقد عملت مصر على دعم العلاقات الاقتصادية بينها وبين السودان، وعلى تحسين الأحوال الزراعية في أراضيها من خلال الشركة الزراعية التي أنشأتها مصر بالتعاون مع الحكومة السودانية وهي الشركة الزراعية للشرق الأوسط والتي كانت تديرها على أراضي السودان، وترجع أهمية تلك الشركة أنها الوحيدة التي كانت مسجلة وقتئذ في السودان، كما قامت الشركة بتوسيع رقعتها بالأعمال الإنشائية الجديدة، ومنها إقامة مصنع حديث لإنتاج العسل في الخرطوم معتمدة على إنتاج مزارعها من محصول قصب السكر الذى أدخلت زراعته في السودان بمعرفة شركة السكر والتقطير المصرية وتحت إشرافها، كما يُعد النشاط الزراعي من أهم الأنشطة التي قامت بها تلك الشركة؛ لتأثيره المباشر على استصلاح الأراضي وزيادة الرقعة المستصلحة، إضافة إلى امتداد هذه المشاريع لإفادة الأهالي من الفلاحين والمزارعين ممن تقع أراضيهم داخل مشاريع الري التي أقامتها تلك الشركة، ومن ثم كان لا بد لنا أن نتعرف على تأسيس تلك الشركة، ورأسمالها، ونظم العمل بها، وأحوال عمالها وموظفيها، والصعوبات التي واجهتها، وترجع أهمية هذا الموضوع أيضا إلى الدور الذي قامت به تلك الشركة، والذي لم يقتصر على استصلاح آلاف الأفدنة وزراعتها فحسب، وإنما امتد إلى إقامة بيئة صناعية وتجارية لتصنيع وتسويق تلك المحاصيل التي قامت بزراعتها.