لقد اهتمَّ العربُ بالأطفال حتى قبل ظهور الإسلام؛ فكانوا يحرصون على تنشئتِهم نشأةً قويمةً، وتعليمِهم الأخلاقَ والآداب العالية، والإنفاقِ عليهم وجَلْبِ ضروريَّاتِ الحياة لهم؛ لأنهم سيحملون أعباءَ قبائِلِهم وبُيوتِهم بعد ذلك، فهُمْ أجيالُ المُستقبل، فلمَّا جاء الإسلامُ زاد في عنايته بالأطفال، وجَعَل لهم أهمِّيَّةً فائقةً في المُجتمع، وحثَّ على الاهتمام بهم حتى قَبْلَ ولادتِهم من حيثُ اختيارُ الأسرةِ المُسْلمة المُناسبة التي سينشأُ بها هؤلاء الأطفال، وكَفَلَ الإسلامُ للطفل حقوقًا كثيرةً، منها حقُّ الحياة. والاهتمامُ بتربية الأطفال في الإسلام ليس مقصورًا على الأبوَيْن فقط، بل تعدَّى ذلك لبعض الأقارب لكفالة وتربية هؤلاء الأطفال، فالنبيُّ r تكفَّل بتربية عليِّ بن أبي طالبٍ ابنِ عمِّه؛ بسبب فقر عمِّه أبي طالب، ومن ضمن الحقوق التي كَفَلها الإسلامُ للطفل حقُّ الحياة، وحَرَّمَ الإسلامُ أيَّ عملٍ قد يُؤدِّي إلى الانتقاصِ من حقِّ الحياة لهذا الطفل سواءً بالضَّرْب أو الأَسْر أو التَّخويف أو الطَّعْن. والحُروبُ الصَّليبيَّةُ مرحلةٌ تاريخيَّةٌ مهمَّةٌ في تاريخ المسلمين؛ ذلك لأنَّ الصَّليبيِّين عاشوا فترةً من الزمن تُقدَّر بقرنين في بلاد الشَّام مُؤسِّسين لأربع إماراتٍ صليبيَّة، وخلال هذه المدَّة الزمنيَّة نجح الصَّليبيُّون في أَسْر مجموعةٍ من المسلمين وبخاصَّةٍ من الأطفال، ولم يُطْلق الصَّليبيُّون سراحَ هؤلاء الأطفال لعدَّة أهدافٍ أرادوها من وراء ذلك؛ لخدمة المشروع الصَّليبيِّ الذي أُعِدَّ بهدف القضاء على الإسلام نهائيًّا في تلك البقاع الإسلاميَّة، وتحويل المُسلمين للنصرانيَّة بدلًا من الإسلام.