يتناول هذا البحث ديوان (بقايا سراب) للشاعر السكندري عبد العليم القباني، ذلك الشاعر الذي عاش حياته عصاميا في التعليم والتثقف، والاسترزاق أيضا، فكانت حياته سلسلة من الكفاح المتواصل، ومع ذلك أثبت جدارته وقدرته على ممارسة الكتابة الشعرية، باحترافية وتمكن، قدَّرا له أن يكون واحدا من شعراء الإسكندرية المعروفين في جيله وما يليه من أجيال. وديوان الشاعر عبد العليم القباني (بقايا سراب) يضم بين جلدتيه نحو ثلاث وأربعين قصيدة، تدور حول أغراض متنوعة، حافظ الشاعر في نظمها، على الشكل التقليدي لأوزان الخليل بن أحمد الفراهيدي،  وهو إن حاول التجديد في هذا الشكل من خلال بعض القصائد التي تتعدد فيها القوافي، لكنه لم يكثر من ذلك، وآثر اللواذ بالشكل الملتزم بالنمط التقليدي. والدراسة تتناول الظواهر الإيقاعية المتنوعة في شعر الديوان، كالشكل الخارجي من وزن وقافية، وما ينتج عن ذلك من آثار، تقدم للقارئ منتجا دلاليا، قد لعب الإيقاع التقليدي دورا مهما في إبرازه، كاشفا عن أن الإيقاع لاعب أساسي في منظومة القصيدة الفنية، وأن كل الأدوات الفنية تتكامل فيما بينها لصنع هذا المنتج الدلالي في النهاية، كما أن الإيقاع نفسه كلي وشامل لا يمكن تناول جزء منه منفردا، لأن الإيقاع ظاهرة عامة مترابطة في جميع مكوناتها وتعمل معا على صنع هذه الدوالِّ المعنوية في النص الشعري. كما تناولت الدراسة بعض الظواهر الإيقاعية الدقيقة والمهمة التي يمكن رؤيتها داخل البيت الشعري، ولا يمكن أبدا تجاهل قيمتها الفنية والإيقاعية في صنع الوحدة الفنية والموضوعية للنص، من تلك الظواهر الإيقاعية الداخلية: التصريع والتدوير والجناس والتكرار الصوتي بمختلف أنواعه.