كانت الصلات بين سواكن والحجاز موجودة قبل قرنين من وصول العثمانيين إلى المشرق العربي؛ إذ كانت السلطة الإدارية بها مرتبطة بنفوذ أمير مكة وسلطته، حيث أشار إلى ذلك الرحالة ابن بطوطة، عندما ذكر أن سلطان سواكن حين وصوله إليها في سنة 725هـ/ 1324م، هو الشريف زيد بن أبي نمي، واستمرت سواكن تستقبل أفواجا من القبائل العربية التي كانت تصل إليها عبر البحر الأحمر من اليابس المقابل مباشرة، وازدهرت سواكن وازدهر نشاطها التجاري الذي استرعى نظر مصر، وجذب انتباهها، حتى عمل سلاطين المماليك على وضع أيدهم عليها، بعد أن أصبحت مركزا لنشاط تجاري كبير، وبعد ظهور الدولة العثمانية في المشرق العربي، واستيلائها على مصر والحجاز في سنة 923هـ/1517م سارع السلطان سليم الأول، بإرسال عدد من الجنود العثمانيين إلى سواكن؛ لتأكيد نفوذهم عليها، ثم تابع الجنود سيرهم عبر خط الساحل حتى وصلوا إلى زيلع جنوبا، ومن ثم ورث العثمانيون نفوذ المماليك على الساحل الغربي للبحر الأحمر، وقد ظل النفوذ العثماني في تلك المناطق شكليا لمدة اثنتين وأربعين سنة حتى نجح أوزدمر باشا بالسيطرة الفعلية على تلك المناطق من سواكن شمالا حتى مصوع وزيلع جنوبا، وتأسيس ( ولاية الحبش )، وتسعى هذه الدراسة إلى استجلاء طبيعة العلاقات السياسية والإدارية بين الولايتين، بصفتهما قطبين بارزين في السياسة العثمانية في البحر الأحمر في تلك المدة الزمنية، خاصة بعد  الانسحاب العثماني من اليمن في سنة 1045هـ/1635م؛ لمواجهة النفوذ الإنجليزي المتزايد في البحر الأحمر،  وذلك في ضوء الأحداث التي مرت بهما الولايتين، في تاريخ علاقاتهما المشتركة، وتحليلها تحليلا  تاريخيا،  إلى جانب  كشف الأسس والمرتكزات التي انطلقت منهما في ربطهما إداريا تحت سلطة والي جدة العثماني.