يسعى هذا البحث إلى مناقشةِ، وتفنيد ما ذهبت إليه - زوراً - بعض المؤلفات، والمدونات المجهولة التي تتحدّث عن تاريخ سياسي مزعوم لبلاد عسير خلال العصور الإسلامية الوسيطة، والمتأخرة-أي قبل دخول عسير تحت سلطة الدولة السعودية الأولى- وغلب عليها الزيف، وتفشّت فيها النصوص المصطنعة، واخترقها الاضطراب، والمبالغة، وحشاها مُنتحلوها بالكثير من مختلقات الحوادث، وركبُوا فيها العديد من الرّوايات، والشُخوص، ووظفوا ذلك في الادّعاء - باطلاً - بقيام سلطةٌ سياسيّة، وإمارة حاكمة في إقليم عسير سراتهُ، وتهامته، امتدت خلال العصور الإسلامية الوسيطة والمتأخرة من أطراف اليمن، والمخلاف السليماني، وجميع تهامة الشامية إلى الطائف غرباً، وأكثر بلاد العارض شرقا، كماتعرّضت هذه الدراسة لمناقشة، وردّ جوانب مما ورد عند بعض المعاصرين من الباحثين، الذين اغترّوا ببعضِ ما روّجتْ له بعض تلك المدونات، فحاولوا الإيهام بوجود إمارة لليزيديين، أو الذين سعوا إلى تمحّل بعض الإشارات هنا وهناك عن وجود نشاطٍ علميٍّ، وأُسر علمية في هذا الإقليم قبل ظهور أسرة العلامة محمد بن موسى العجيلي الزَّبيدي في بلدة رُجال في تهامة عسير . وكان المُعتمدُ في تفنيد هذه الأقوال والآراء التي روّجت لها تلك المؤلفات، والمدونات، والأبحاث؛ هو التوثيق من مصادر معتبرة، وموثوقة، ومعاصرة للحدث، بنقل العديد من نصوصها في كلّ قرنٍ من القرون الإسلامية منذُ الثالث الهجري/التاسع الميلادي إلى دخول عسير تحت سلطة الدولة السعودية في صدر القرن الثالث عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي . وتتضمن هذه النصوص أدلّةً واضحة ودامغة على عدم وجود أيّ سلطة سياسية حاكمة لا لمن يسمّون بالأمراء اليزيديين، ولا غيرهم؛ عدا سلطة القبيلة، وشيوخها.