الاِقْتِصَادُ اللُّغَوِيُّ مِنَ السِّمَاتِ المـُميِّزةِ لِلُغَتِنَا العَربيَّةِ التي تُمَيِّزها عَنِ اللُّغَاتِ الأُخْرَى، وقَدِ اِسْتَخْدَمَهُ عُلَمَاءُ العَرَبِيَّةِ، كَثِيرًا، دُونَ عَدِّهِ مُصْطَلَحًا مُنْفَرِدًا؛ كَدَأبْهِم في الاستِعْمالِ دُونَ الاصطِلَاحِ، وإِنْ كَانَتْ لهُم طرَائِقُ قِدَدٌ في التَّعْبِيرِ عَنْهُ؛ بُغيَةَ الاقْتِصَادِ في الوَقْتِ وَالجُهْدِ، بِعَدَمِ اِطَالَةِ الكَلَامِ مع الوفاءِ بِالـمَعْنَى دُونَ خَللٍ. ومن ثمَّ؛  توجَّهَتْ هَذِهِ الدِّرَاسَةُ؛ فيمَّا توجَّهتْ إلَيهِ غَيرُها، أَيضًا؛ لخُطُورةِ الظَّاهِرَةِ، إلى  الوُقُوفِ عليها بِزاوِيَةِ نظَرٍ مُختلفَةٍ؛ إذْ وَضَعَتْ الاِقْتِصَادَ اللُّغَوِيَّ بِالْحَذْفِ في سُورَة البَقَرَة تَمثيلًا نَحويًّا يُمكِنُ مِن خِلَالِهِ تَتبُّعِ الآليَّاتِ والنَّتائِجَ؛ وهُوَ ما اَستلْزَمَ أنْ تَنْهَجَ الدِّرَاسَةُ مَنْهَجًا وَصْفِيًّا تَحْلِيلِيًّا؛ للظّفرِ بِنتَائجَ جَرَّاءَ الرَّصْدِ والتّعقُّبِ والتَّحْلِيلِ؛ فَكَانَ مِن ثِمَارِ ذلكَ نَتَائِجُ لَافِتَةٌ، يُمكِنُ اِختِزَالُها، هُنَا، في كَونِ الاِقْتِصَادِ اللُّغَوِيّ مِنَ الثَّوَابِتِ النَّحْوِيَّةِ التي تَرْتَكِزُ عَلَيهَا لُغَتُنا العَرَبِيَّةُ؛ لأَنَّها، بِطَبِيعَتِهَا الاِستِعْمَالِيَّةِ، لُغَةُ إِيجَازٍ واِخْتِصَارٍ، وقَدْ كَشَفَتْ دِرَاسَةُ العَيِّنَةِ الـمُخْتَارَةِ صُوَرَ هذَا الاِقْتِصَادِ اللُّغَوِيّ بالحَذْفِ وآليَّاتهِ المتَعَدِّدَةِ؛ كَحَذْفِ الأَخْبارِ، والـمَفَاعِيلِ، والـمَصَادِرِ، والـمُضَافِينَ، وغَيرِها ؛ مِمَّا  أَحْدَثَ أَثرًا  نَحْوِيًّا جَمَالِيًّا في التَّرَاكِيبِ والدّلَالَاتِ.