إن رواية المسافات تعمد إلى توظيف رؤية وجودية متخذة من الوجه البائس للوجود الإنساني المتواري خلف بيوت الصفيح قناعاً له، لتمرير أسئلة الحياة بإحالات مغمورة داخل إيماءات صغيرة وعابرة وتائهة، تبحث عن إجابة عن عدد من الأسئلة، في أطوار الحياة عبر المسافات،   تدور أحداث الرواية في جو من الفانتازيا حول قصة "علي" الذي يختلف عن أهله في الرغبة في المعرفة وتجاوز المكان والزمان، لذلك يكبر فجأة فيصير شاباً ويترك المكان إلى المدينة القريبة، ليعرف سر هذا العذاب المحكوم به على الناس هناك، يجد في المدينة عذاباً أكبر، يعود منها إلى مكانه الأصلي فيرجع بالذاكرة إلى طفولته، ولا يجد أحدًا غير "سعاد" التي يعتبرها أجمل النساء التي لم يطلها أحد، وقد صارت مسخًا صغيرًا يحتفظ بها عامل بلوك السكة الحديد الذي لا يعمل لأن القطارات لا تأتي، ينحني يقبلها فتختفي هي الأخرى إلى الأبد، لقد سيطر الشعور بالاغتراب على الكتاب والمثقفين بل معظم أفراد المجتمع المصري في القرن العشرين، وأصبح ظاهرة متفشية بشكل مزعج في ذلك القرن حتى أصبح كأنه مرض أصيب به الإنسان الحديث، مما جعله ينسحب على شخصيات الرواية عند إبراهيم عبد المجيد وغيره من الروائيين في جيله،       وبالنظر إلى معظم روايات إبراهيم عبد المجيد نجد هذه الشخصيات السلبية التي تتسم بالضعف والإحساس بالفشل والانحسار والضعف؛ مما يؤدي بهم إلى الاستسلام للقوى المحيطة دون مقاومة إلا قليلاً، ونجدهم يصيبهم اليأس التام من كل شيء، فأمسى بينهم وبين واقعهم مسافات شاسعة، فكادوا لا يشعرون بما يدور حولهم، وقد اتبع البحث المنهج الوصفي التحليلي، كما يستعين بالمنهج النفسي في دراسة ظاهرة اغتراب الشخصيات.